أما الاختصاص بالأولى: فلأنه لا يعقل ترتب الممكن على غير علته التامة ووجوده بدونها.
وأما الاختصاص بالثانية - مع أن وجود كل ممكن بدون علته التامة مستحيل - أن مبادئ اختيار الفعل الاختياري من أجزاء العلة التامة، وهي لا تكاد تتصف بالوجوب، لعدم كونها من الأمور الاختيارية، وإلا لتسلسل.
وبالجملة، فالإيصال إنما هو في خصوص الواجبات التوليدية، وأما في غيرها فمع اجتماع جميع الأجزاء يمكن أن لا يقع لتوسط الإرادة والاختيار، كما هو واضح (1).
والجواب: أن مراده (قدس سره) بالإيصال ليس ما يترتب عليه ذو المقدمة قهرا حتى يورد عليه بما ذكر، بل مراده منه هو ترتب الفعل عليه ولو بواسطة أو وسائط بمعنى أن مطلق المقدمة لا يتعلق به الوجوب، بل بالمقدمة التي يتعقبها الإتيان بذي المقدمة، سواء كانت علة تامة لحصوله قهرا أم لم تكن.
هذا مضافا إلى ما عرفت من أن الإرادة من الأمور الاختيارية التي يمكن أن يتعلق بها الطلب والبعث، كيف ولو قلنا باستحالة تعلق الطلب بها، فلا تكون متعلقة للأمر الغيري حتى بناء على وجوب مطلق المقدمة، فمن أين يلزم الإرادة التي هي من أجزاء العلة التامة، كما هو واضح.
منها: ما اورد عليه في الكفاية أيضا، وحاصله أنه لو كان معتبرا فيه الترتب، لما كان الطلب يسقط بمجرد الإتيان بها من دون انتظار لترتب الواجب عليها مع أن الطلب لا يكاد يسقط إلا بالموافقة أو بالمخالفة أو بارتفاع موضوع