الثالث: أن يكون قصد التوصل مأخوذا في متعلق الأمر الغيري بمعنى أن يكون قيد للواجب لا للوجوب، كما في الصورتين المتقدمتين.
إذا عرفت ذلك، فنقول: كل هذه الاحتمالات فاسدة، بل لا يمكن اعتبار قصد التوصل على غير وجه الأخير من الصور المتقدمة.
أما الوجه الأول: فيرد عليه - مضافا إلى ما عرفت من أن وجوب المقدمة يتبع في الإطلاق والاشتراط وجوب ذيها - أنه لا يعقل اشتراط الوجوب بخصوص قصد التوصل الغير المنفك عن إرادة متعلق الوجوب، فيرجع الأمر بالأخرة إلى اشتراط الوجوب بإرادة متعلقه، فيصير الوجوب مباحا، كما عرفت فيما أجاب به التقريرات عن عبارة المعالم، بل نقول بأن الاستحالة هنا أوضح مما يوهمه عبارة المعالم، لأن الوجوب بناء على قوله لا يكون مشروطا بإرادة متعلقه، بل بإرادة ذي المقدمة المتقدمة على إرادة المقدمة المتعلقة للوجوب الغيري، وأما بناء على هذا القول يكون الوجوب مشروطا بإرادة متعلقه.
ثم إن هذا الجواب يجري على الوجه الثاني أيضا.
وأما الوجه الثالث: الراجع إلى اعتبار قصد التوصل قيد للواجب بحيث يجب تحصيله كسائر القيود المعتبرة في الواجب فهو وإن كان ممكنا في مقام الثبوت إلا بناء على ما اعتقده صاحب الكفاية من أن الإرادة لا تكون من الأمور الاختيارية (1)، فلا يعقل أن تكون متعلقة للطلب أصلا.
ولكن لا يخفى فساد هذا الاعتقاد فإنه يمكن للإنسان أن يوجد القصد المتعلق ببعض الأشياء، نظير أنه إذا سافر الإنسان إلى بلد لا يريد إقامة عشرة أيام فيه، لعدم كون الإقامة فيها ذا مصلحة له إلا أنه يعرض له بعض الأمور