الكلام هي الأصول العدمية، من أصالة عدم القرينة وأصالة عدم التخصيص والتقييد (1).
هذا، وأما المرحلة الرابعة: فالأصل فيها هو أصالة تطابق الإرادتين الاستعمالية والجدية. وبهذا الأصل يرفع الشك عن احتمال المجازية والتخصيص والتقييد، وأما أصالة الحقيقة وأصالة العموم وأصالة الإطلاق فليست أصولا مستقلة، بل مرجعها إلى أصالة التطابق.
وأما أصالة عدم القرينة فليست أصلا مستقلا أيضا، لأن منشأ احتمال وجود القرينة وعدمها فعلا إما عدم ذكر المتكلم لها عمدا، وإما عدم ذكره سهوا واشتباها. فعلى الثاني يكون الأصل هو أصالة عدم الخطأ والاشتباه، وعلى الأول يكون الأصل هو إفادة المتكلم جميع مرامه.
هذا، ولو كان المنشأ هو احتمال إسقاط الواسطة القرينة فاحتمال إسقاطه سهوا منفي أيضا بأصالة عدم الخطأ والاشتباه، واحتمال إسقاطه عمدا منفي باعتبار الوثاقة فيه، فلم يوجد مورد يحتاج فيه إلى أصالة عدم القرينة.
وأما أصالة الظهور التي تمسك بها كثير من المحققين فلا يخفى أن إسناد الأصل إلى الظهور مجردا لا معنى له، وحينئذ فلابد إما أن يقال: إن الأصل هو كون هذا المعنى ظاهرا للفظ، وإما أن يقال: بأن الأصل هو كون الظهور مرادا للمتكلم بالإرادة الجدية، ومن المعلوم أن الأول لا ارتباط له بمسألة حجية الظواهر، والثاني مرجعه إلى أصالة تطابق الإرادتين المتقدمة، ولا يكون أصلا برأسه.
فانقدح من جميع ما ذكرنا: أن الأصل الجاري في تعيين المراد الاستعمالي