على الفعل الصادر بهذا العنوان بلا اختيار.
وأورد على ذلك أيضا بأن العزم والقصد إنما يكون من مبادئ الاختيار، وهي ليست باختيارية.
وأجاب بما حاصله: إنه - مضافا إلى أن الاختيار وإن لم يكن بالاختيار إلا أن بعض مبادئه غالبا يكون وجوده بالاختيار - يمكن أن يقال: إن صحة المؤاخذة والعقوبة إنما هي من آثار بعده عن سيده بتجريه عليه، فكما أن التجري يوجب البعد عنه فكذلك لا غرو في أن يوجب حسن العقوبة، فإنه وإن لم يكن باختياره إلا أنه بسوء سريرته بحسب نقصانه ذاتا، ومع انتهاء الأمر إليه يرتفع الإشكال، وينقطع السؤال بلم، فإن الذاتيات ضروري الثبوت للذات.
ومن هنا أيضا ينقطع السؤال عن أنه لم اختار الكافر الكفر والعاصي العصيان والمؤمن الإيمان؟ فإنه يساوق السؤال عن أن الحمار لم يكون ناهقا؟
والإنسان لم يكون ناطقا؟ وبالجملة فتفاوت أفراد الإنسان بالأخرة يكون ذاتيا، والذاتي لا يعلل.
ثم قال: إن قلت: على هذا فلا فائدة في بعث الرسل وإنزال الكتب والوعظ والإنذار.
وأجاب بما حاصله: أن ذلك لينتفع به من حسنت سريرته، ويكون حجة على من ساءت سريرته، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حي عن بينة (1)، انتهى.
وفيه وجوه من الخلل:
الأول: أنه من الواضح أن الجواب عن الإيراد الثاني بأن بعض مبادئ