نعم، قد عرفت: أن ثبوت أجزاء الماهية ولوازمها لذاتها مما لا يحتاج إلى الجعل والعلة، إلا أنه قد قرر في محله (1) أن الماهيات أمور اعتبارية ينتزعها العقل بعد ملاحظة الوجودات، وهي محرومة عن الجعل ممنوعة عنه، ولا تكون منشأ للآثار، ولا علية ولا معلولية بينها أصلا.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن السعادة والشقاوة هل هما من سنخ الوجودات أو من قبيل لوازم الماهيات، فعلى الأول لا يعقل كونهما من الذاتيات، لما عرفت من أن الوجود في غير الواجب تعالى وجود إمكاني محتاج إلى الجعل. ودعوى كونهما ذاتيين تنافي ما قامت عليه البراهين القاطعة والأدلة الساطعة من وحدة الواجب تعالى. وعلى الثاني لا يكونان منشأ للآثار. فاختيار الكفر والعصيان، وكذا الإرادة التي هي أمر وجودي لا يعقل أن يكون مستندا إلى الذات والذاتيات التي هي أمور اعتباري ومخترعات عقلي.
فالحق أنهما من الأمور الاعتبارية المنتزعة عن فعل القربات، وارتكاب المبعدات، ولا يكونان من الذاتيات أصلا، كما هو واضح لا يخفى.