بارتكاب ما قطع أنه من مصاديق الخمر (1).
ويرد عليه: وضوح إمكان الالتفات إلى العلم، لأنه ليس من العناوين التي لا يمكن الالتفات إليها، كعنوان التجري مثلا، حيث إن التوجه والالتفات إليه يخرج الملتفت عن كونه متجريا، كما هو واضح. وأما العلم ونظائره من العناوين - كعنوان القصد - فيمكن الالتفات إليه.
وحينئذ فلا إشكال في اختصاص الخطاب به، فإن العالم بالخمر - بعدما التفت إلى أن معلومه بما أنه معلوم يكون موضوعا للحرمة - يتوجه بالتوجه الثانوي إلى علمه، توجها استقلاليا. ويدل على ذلك وقوع العلم في الشريعة متعلقا للأحكام كثيرا، كقوله (عليه السلام): " كل شئ طاهر، حتى تعلم أنه قذر " (2).
وأما ما أفاده في ذيل كلامه ففساده أظهر من أن يخفى، ضرورة أن شرب المايع في المثال كان اختياريا له بلا إشكال، ولذا يترتب عليه بطلان الصوم ونظائره، كما لا يخفى.
ثانيهما: ما في تقريرات المحقق المتقدم من أن توجيه الخطاب بمثل " لا تشرب معلوم الخمرية " مستلزم لاجتماع المثلين في نظر العالم دائما، وإن لم يلزم ذلك واقعا، لأن النسبة بين الخمر الواقعي والخمر المعلوم هي العموم من وجه، وفي مادة الاجتماع يتأكد الحكمان، كما في مثل " أكرم العالم، وأكرم الهاشمي " إلا أنه في نظر العالم دائما يلزم اجتماع المثلين، لأن العالم لا يحتمل المخالفة، ودائما يرى مصادفة علمه للواقع، فدائما يجتمع في نظره حكمان.
ولا يصلح كل من هذين الحكمين لأن يكون داعيا ومحركا لإرادة العبد