لا بسبب القطع بالخلاف.
ثم إنهم ذكروا أن الحجية والكاشفية من لوازم القطع، ولا يحتاج إلى جعل جاعل، لعدم جعل تأليفي حقيقة بين الشئ ولوازمه، وظاهرهم: أن ذلك من لوازم ماهية القطع، كما يظهر من تنظير بعضهم ذلك بالزوجية بالنسبة إلى الأربعة (1).
ولا يخفى ما فيه: أما صفة الكاشفية والطريقية فلو كانت من لوازم القطع التي لا تنفك عنه، كما هو الشأن في لوازم الماهية فاللازم أن لا يتحقق القطع على خلاف الواقع أصلا، مع أنا نرى بالوجدان تحققه على كثرة، فكيف يمكن أن تعد هذه الصفة من الأوصاف التي تلازم طبيعة القطع؟!
نعم، الكاشفية بحسب نظر القاطع ثابتة في جميع الموارد، ولكن هذا التقييد يخرجها عن كونها ذاتية للقطع، لأن الذاتيات لا فرق فيها، من حيث الأنظار أصلا، كما لا يخفى.
وإن شئت قلت: إن الكاشفية بحسب نظر القاطع من لوازم وجود القطع، لا ماهيته، ولوازم الوجود كلها مجعولة. نعم، لا معنى لتعلق الجعل التشريعي به، مع كونه من لوازم الوجود، للزوم اللغوية.
وأما الحجية فهي حكم عقلي مترتب على القطع، بمعنى أن العقل والعقلاء لا يرون القاطع معذورا في المخالفة أصلا، ويصح عندهم أن يحتج به المولى على العبد، ويعاقب العبد بسبب مخالفة القطع.
ومن هنا لا يصح للشارع جعل الحجية له، لكونه لغوا، لا لكونه من لوازم الماهية، فتدبر.