ويلزمه العلاج بين المفهوم والعام (1).
أقول: هذه الدعوى بنحو الكلية ممنوعة، لعدم التلازم بين كون المفهوم معارضا للعام وكون المنطوق أيضا كذلك، بل يمكن الانفكاك بينهما في بعض الموارد.
مثاله: ما لو قال: لا تكرم العلماء، ثم قال: أكرم جهال خدام النحويين، فإن المنطوق في المثال لا يعارض العام، لأن الجهال غير داخل في العلماء مع أن المفهوم - وهو وجوب إكرام علماء خدام النحويين، وكذا إكرام النحويين - معارض للعام، كما هو واضح.
وحينئذ فالموارد مختلفة، فلو كانت المعارضة بين المنطوق والعام أيضا، فلابد أولا من علاج التعارض بينه وبين العام، ويلزمه العلاج بين المفهوم والعام.
وأما لو كانت المعارضة منحصرة بالمفهوم، فقد يقال في وجه ترجيحه على العام ولو كان التعارض بالعموم والخصوص من وجه: بأن الأمر هنا يدور بين رفع اليد عن العموم وتخصيصه بالمفهوم، وبين رفع اليد عن المنطوق المستلزم للمفهوم عقلا، وبين رفع اليد عن المفهوم مع ثبوت الحكم في المنطوق، والثاني لا سبيل إليه بعد كون المنطوق أجنبيا عن العام، وغير معارض له، كما هو المفروض، والثالث كذلك، لأن رفع اليد عن خصوص المفهوم يوجب نفي الملازمة ورفع اليد عنها مع كونها عقلية قطعية، فينحصر في الأول الذي مرجعه إلى رفع اليد عن ظهور لفظي.
ولكن لا يخفى: أن الملازمة تقتضي عدم الانفكاك بين المنطوق والمفهوم،