وربما توهم: أنه كيف يكون المناط في المفهوم هو السنخ مع أن الشرط في القضية الشرطية إنما وقع شرطا للحكم المجعول بإنشائه دون غيره، وهو حكم شخصي ينتفي بانتفاء الشرط عقلا (1)؟!
وأجاب عنه في الكفاية بما حاصله: أن وضع الهيئات والموضوع له فيها عام كالحروف، فان لمعلق على الشرط إنما هو الوجوب الكلي، والخصوصية ناشئة من قبل الاستعمال (2).
ولكن قد حقق فيما تقدم أن الموضوع له في باب الحروف خاص لا عام.
والحق في الجواب أن يقال: إن المستفاد من القضايا الشرطية هو الارتباط والمناسبة بين الشرط والجزاء الذي هو عبارة عن متعلق الحكم لا نفسه.
وبعبارة أخرى: ظاهر القضية الشرطية هو اقتضاء المجئ في قولك إن جاءك زيد فأكرمه، لنفس الإكرام، لا وجوبه، إذ تعلق الوجوب به إنما يتأخر عن تلك الاقتضاء وشدة المناسبة المتحققة بينهما، كما يظهر بمراجعة الاستعمالات العرفية، فإن أمر المولى عبده بإكرام ضيفه عند مجيئه إنما هو لاقتضاء مجئ الضيف إكرامه، فالارتباط إنما هو بين الشرط ومتعلق الجزاء، وظاهر القضية الشرطية وإن كان ترتب نفس الحكم على الشرط إلا أن تعلق الحكم به إنما هو للتوصل إلى المتعلق بعد حصول الشرط، لشدة الارتباط بينهما، وحينئذ فالقائل بالمفهوم يدعي انحصار مناسبة الإكرام مع المجئ بحيث لا ينوب منابه شئ، ولا ارتباط بينه وبين شئ آخر، فإذا انتفى المجئ، فلا يبقى وجه لوجوب الإكرام بعد عدم اقتضاء غير المجئ إياه، فالمعلق على