ولكن لا يخفى ما فيه من النظر، فإن الظاهر أن المراد به - كما يظهر من تذييل مبحث تداخل الأسباب به - هو ما إذا كان التكليفان متعلقين بعنوان واحد لا بعنوانين، كما لا يخفى.
الرابع: أن مورد النزاع هو ما تقتضيه القواعد اللفظية بعد الفراغ عن إمكان التداخل وعدمه.
وحكي عن بعض الأعاظم المعاصرين: استحالة عدم التداخل، نظرا إلى أنه يمكن تعقل تعلق أمر واحد بإيجاد الطبيعة مرتين من غير تعليق على شئ، كما إذا قال: توضأ وضوئين وكذا فيما إذا جمع السببين وأمر بإيجادهما مرتين كما إذا قال: إن بلت ونمت فتوضأ وضوئين، وكذا يجوز تعلق أمرين بطبيعة واحدة فيما إذا كان السبب الثاني مترتبا على الأول دائما، وأما مع عدم الترتب بينهما - كما هو المفروض في المقام - فلا نتعقل تعلق أمرين بطبيعة واحدة، إذ لا يمكن تقييد الثاني بمثل كلمة الآخر ونحوه، لإمكان حصول السبب الثاني قبل الأول.
ومنه يظهر أنه لا يمكن تقييد كل منهما بمثلها، كما هو واضح (1).
هذا، ولكن لا يخفى: أن منشأ الاستحالة لو كان مجرد عدم صحة التقييد بمثل كلمة الآخر، فالجواب عنه واضح، لعدم انحصار التقييد بمثله، وذلك لإمكان أن يقيد كل واحد منهما بالسبب الموجب لتعلق التكليف بالطبيعة، وذلك بأن يقال: إن بلت فتوضأ وضوءا من قبل البول، وإن نمت فتوضأ وضوء امن قبل النوم.