فانقدح من جميع ما ذكرنا: بطلان المقدمة الثانية من المقدمات التي مهدها في الكفاية لإثبات الامتناع، الراجعة إلى أن متعلق الأحكام هو فعل المكلف، وما هو في الخارج يصدر عنه وهو فاعله وجاعله (1)، إذ قد عرفت بما لا مزيد عليه أنه لا يعقل أن تتعلق الأحكام بالوجودات الخارجية، وأن متعلقها إنما هي نفس الطبائع مع قطع النظر عن الوجودين.
ومما ذكرنا يظهر أيضا: أن الاستدلال - كما في تقريرات المحقق النائيني (قدس سره) - على إثبات الجواز بثبوت التعدد بين المتعلقين في الخارج، وكون التركيب بينهما انضماميا لا اتحاديا، نظرا إلى أنه لو سلم اتحاد المتعلقين في الخارج، وكون التركيب بينهما اتحاديا لايبقى مجال لدعوى تغاير متعلق الأمر والنهي أصلا (2)، ليس بصحيح، لما عرفت من أن متعلق الأمر والنهي إنما هي نفس الطبائع، وهي مختلفة في عالم المفهومية، ولا اتحاد بينهما، سواء كان التركيب بينهما في الخارج اتحاديا أو انضماميا، بل نقول: إن مورد النزاع بينهم هو ما إذا كان الموجود الخارجي بتمام هويته مصداقا للطبيعة المأمور بها وللطبيعة المنهي عنها، لأنه مع فرض كون التركيب انضماميا لايبقى مجال للنزاع في الجواز والامتناع أصلا، إذ يصير حينئذ القول بالجواز من البديهيات التي لا يعتريها ريب، نظير تعلق الأمر بالصلاة، والنهي بالزنا مثلا، كما لا يخفى.
وإذا تمهد لك هذه المقدمات: تعرف أن مقتضى التحقيق هو القول بالجواز، لعدم اجتماع الأمر والنهي في شئ أصلا، لأن في مرحلة تعلق الأحكام لا إشكال في اختلاف متعلق الأمر والنهي، لوضوح المغايرة بين المفاهيم في عالم