الإطلاق من الدلالات اللفظية، بل من الدلالات العقلية، نظير حكم العقل بكون معنى اللفظ الصادر من المتكلم المختار مراد اله.
وبالجملة، فالإطلاق عبارة عن تمامية ما جعل متعلقا للحكم من حيث كونه متعلقا له بمعنى عدم مدخلية شئ آخر فيه، وأين هذا مما ذكر من أنه عبارة عن ملاحظة الشمول والسريان، وقد عرفت ما فيه.
وما اشتهر بينهم من أن الطبيعة اللا بشرط يجتمع مع ألف شرط ليس معناه اتحادها مع الشروط في عالم المفهومية بحيث تكون حاكية لها وكاشفة عنها، بل معناه عدم إبائها عن اتحاد بعض المفاهيم الاخر معها في عالم الوجود الذي هو جامع العناوين المختلفة والمفاهيم المتشتتة، وإلا فكيف يمكن أن يكشف بعض المفاهيم عن البعض الآخر في عالم المفهومية مع ثبوت الاختلاف بينهما، كما هو واضح.
المقدمة الثالثة - التي هي العمدة في هذا الباب -: أن متعلق التكاليف والأحكام إنما هي نفس الطبائع والعناوين، لا الطبيعة الموجودة في العين ولا الماهية المتحققة في الذهن، فاتصافها بكونها موجودة في الذهن أو الخارج خارج عن مرحلة تعلق الأحكام بها، نظير سائر الأحكام الطارئة على الطبائع من الكلية والاشتراك ونحوهما، ضرورة أن الطبيعة الموجودة في الخارج لا يعقل أن تتصف بالكلية، لإبائها عن الصدق على الكثيرين، وكذا الطبيعة بوصف وجودها في الذهن، بداهة أنها أيضا تكون جزئيا غير قابل للصدق واتصافها بوصف الكلية والاشتراك ونحوهما وإن كان في الذهن إلا أنه لا ينافي ذلك كون المعروض لهما إنما هي نفس الطبيعة بلا ملاحظة وجودها الذهني، ضرورة أنه بمجرد تصورها يحمل عليه تلك الأحكام، ولو كان اتصافها بالوجود الذهني دخيلا في هذا الحمل، لاحتاج إلى تصور آخر متعلقا بالطبيعة متقيدة