ولازمه عدم اتصاف الفعل قبل وجوده الخارجي بشئ منهما، نظير أنه لا يعقل أن يتصف الجسم بالسواد مثلا قبل تحققه في الخارج، بداهة أنه يستحيل أن يوجد الوصف الحقيقي قبل تحقق موصوفه، ومن المعلوم في المقام أن الاتصاف بالمحبوبية قبل وجود المحبوب وتحققه في الخارج، بل كثيرا ما يكون الداعي والمحرك إلى إيجاده في الخارج إنما هو تعلق الحب به، وكونه متصفا بالمحبوبية.
وكيف كان فهذا المعنى مما لا يتكل إليه أصلا، بل المحبوبية والمبغوضية وصفان اعتباريان ينتزعان من تعلق الحب والبغض بالصورة الحاكية عن المحبوب والمبغوض.
توضيح ذلك: أنه لا إشكال في أن الحب وكذا البغض إنما يكون من الأوصاف النفسانية القائمة بالنفس، وحيث إن تحققه في النفس بنحو الإطلاق غير مضاف إلى شئ مما لا يعقل، فلا محالة يحتاج في تحققه إلى متعلق مضاف إليه ومشخص يتشخص به، ولا يعقل أن يكون ذلك المشخص هو الموجود الخارجي، لأنه يستحيل أن يكون الأمر الخارج عن النفس مشخصا للصفة القائمة بها، كما هو واضح.
مضافا إلى ما عرفت من أن المحبوب - أي الفعل الخارجي - إنما يكون محبوبا قبل تحققه ووجوده في الخارج، فكيف يمكن أن يكون الأمر الذي لا يتحقق في الخارج أصلا أو لم يتحقق بعد ولكن يوجد في الاستقبال مشخصا فعلا؟! كما هو واضح، فلا محالة يكون المشخص هو الأمر الذهني الموجود في النفس، والمحبوب إنما هو ذلك الأمر، غاية الأمر أنه حيث يكون ذلك الأمر صورة ذهنية للفعل الخارجي ووجها وعنوانا له ينسب إليه المحبوبية بالعرض، لفناء تلك الصورة في ذيها، وذلك الوجه في ذي الوجه، ولا يخفى أن