المتقدم على تحقق المبعوث إليه، فكيف يمكن أن يكون متأخرا عنه مع استلزام ذلك للغوية، لأنه بعد تحقق المبعوث إليه المشتمل على المصلحة التي هي الباعثة على تعلق البعث به يكون طلبه تحصيلا للحاصل في الأوامر، وبعد تحقق المزجور عنه في النواهي يكون الزجر عنه مستلزما لطلب أعدام ما هو حاصل بنحو لم يحصل، وكلاهما مستحيل بداهة، ولعمري أن سخافة هذا الاحتمال الذي هو ظاهر بعض الأعلام (1) مما لا تكاد تخفى على عاقل فضلا عن فاضل، فلم يبق في البين إلا الالتزام بكون موضوعات الأحكام هي نفس الطبائع مع قطع النظر عن الوجودين، والأغراض وإن كانت مترتبة على الوجودات الخارجية إلا أنه يتوصل المولى إلى تحصيلها بسبب البعث إلى نفس الطبيعة، إذ لا يتحقق الانبعاث منه ولا يحصل موافقته إلا بإيجاد المبعوث إليه في الخارج، والتأمل في الأوامر العرفية الصادرة من الموالي بالنسبة إلى عبيدهم يقضي بأن المولى في مقام إصدار الأمر لا ينظر إلا إلى نفس الطبيعة من دون توجه إلى الخصوصيات المقارنة لها في الوجود الغير المنفكة عنها، ويبعث العبد نحوها، غاية الأمر أن تحصيل الموافقة يتوقف على إيجاد مطلوب المولى في الخارج وإخراجه من كتم العدم إلى صفحة الوجود.
وما اشتهر بينهم من التمسك بقول أهل المعقول: الماهية من حيث هي ليست إلا هي لا موجودة ولا معدومة ولا مطلوبة ولا غير مطلوبة لإثبات أن نفس الماهية مع قطع النظر عن الوجودين لا يمكن أن يتعلق بها الحكم، لأنها ليست إلا هي، كما أنها لا تكون كلية، لأنها من حيث هي لا تكون كلية ولا جزئية، ولذا التجأ بعض المجوزين في المقام إلى أن متعلق الأحكام إنما هي