الأوصاف، كما لا ينافي حمل موجودة، أو معدومة عليها بالحمل الشايع، كذلك لا ينافي عروض وصف المطلوبية لها، فلا منافاة بين كون الصلاة في حد ذاتها لا مطلوبة ولا غير مطلوبة، وبلحاظ تعلق الطلب بها مطلوبة.
وحق القول في الجواب عن ذلك وعن أصل الايراد ان متعلق الغرض و ما فيه المصلحة بما انه هو الوجود، لا الطبيعة من حيث هي، فليست هي متعلقة الامر والشوق، وحيث إن الامر والشوق لا يتعلقان، بما هو الموجود من جميع الجهات كمالا يخفى فلا يتعلقان به، فلا محالة يتعلقان بالطبيعة الملحوظة بما انها خارجية بمعنى انها تلاحظ فانية في الخارج ومرآة وآلة له، بحيث لا يلتفت إلى مغايرتها للخارج، ولا يرى في هذا اللحاظ سوى الموجود الخارجي الذي هو منشأ انتزاعها.
وان شئت قلت إن الشوق كالعلم لا يتشخص الا بمتعلقه، ولكن طبيعة الشوق من الطبايع التي لا تتعلق الا بما له جهة فقدان وجهة وجدان، إذ لو كان موجودا من كل جهة كان طلبه تحصيلا للحاصل، ولو كان مفقودا من كل جهة لم يكن طرف يتقوم به، فلو كان متعلقه موجودا من حيث حضوره للنفس، ومفقودا من حيث الوجود الخارجي، يرتفع جميع المحاذير، فان العقل لقوته يلاحظ الموجود الخارجي فيشتاق إليه، فالموجود بالفرض والتقدير، مقوم للشوق، لا بما هو هو، بل بما هو آلة لملاحظة الموجود الخارجي، والشوق يوجب خروجه من حد الفرض إلى الفعلية والتحقق، وهذا هو المراد من تعلق الشوق، والامر، بوجود الطبيعة، فلا يرد عليه شئ مما ذكر.
وحيث إن النزاع على الوجهين الأولين، لا يترتب عليه ثمرة فالصفح عنه أولى.
واما على الوجه الأخير: فان كان مدعى تعلق الطلب بالافراد، يدعى تعلق طلب مستقل بالخصوصيات غير ما تعلق بصرف وجود الطبيعة، فهو بديهي البطلان، وان كان يدعى تعلق طلب قهري ناش عن تعلقه بما فيه المصلحة.
فالقول: بتعلقه بالافراد يبتنى على أحد المسلكين: 1 - القول بوجوب مقدمة الواجب، وكون الخصوصيات الفردية من مقدمات وجود الطبيعة، فإنه حينئذ يصح تعلق الطلب القهري المقدمي بالافراد. 2 - اتحاد المتلازمين في الوجود، في الحكم، فان الطبيعة