هذا النزاع بظاهره لا معنى له إذ لا يتوهم أحد تعلق الامر بالموجود الخارجي لأنه مسقط للامر فلا يعقل تعلقه به، ولا تعلق الامر بالطبيعة الصرفة ومن حيث هي مع قطع النظر عن حيثية انطباقها على الموجود الخارجي، فلا بد لنا من تحرير محل النزاع في المقام أولا ثم بيان ما هو الحق فيه ثانيا.
فأقول: ان محل النزاع يمكن ان يكون أحد أمور:
أحدها: ان المتعلق هو وجود الطبيعي أو الفرد، ويكون هذا النزاع مبتنيا على مسألة امكان وجود الطبيعي في الخارج، وامتناعه، فمن يقول بتعلق التكليف بالفرد، انما يكون قائلا بامتناع وجود الطبيعي في الخارج ففرارا عن تعلق التكليف بغير المقدور، يلتزم بتعلقه بالفرد، ولا يكون لازم قوله دخول لوازم التشخص في المكلف به.
ولازم القول بتعلق التكليف بالفرد كون التخيير شرعيا دائما بخلاف تعلقه بالطبيعة فإنه يستلزم كون التخيير عقليا.
فما ينقله المحقق النائيني (ره) عن بعض الأساطين من تفسير تعلق الامر بالافراد بانكار التخيير العقلي بين الافراد الطولية والعرضية، وان التخيير بينها يكون شرعيا دائما بخلاف تعلقه بالطبيعة فإنه يكون عقليا يكون نظره إلى ذلك.
ولا يرد عليه ما أورده المحقق النائيني (ره) من استبعاد احتياج تعلق الطلب بشئ إلى تقدير كلمة أو بمقدار افراده العرضية والطولية، مع عدم تناهيها غالبا، مضافا إلى أن وجود التخيير العقلي في الجملة مما تسالم عليه الجميع ظاهرا: فإنه يندفع بأنه انما يدعى ان متعلق التكليف في الواقع هو الافراد، والا ففي ظاهر الدليل اخذت الطبيعة في المتعلق مشيرا إلى الافراد فالتخيير العقلي بلحاظ ظاهر الدليل في قبال ما صرح به في لسان الدليل فتدبر.
ثانيها: ان المتعلق هو الوجود، أو الماهية ويكون النزاع حينئذ مبنيا على مسألة فلسفية أخرى من أن الأصل في التحقق هو الوجود أو الماهية، فمن جعله الوجود قال بتعلق التكليف به، وهو المراد بتعلقه بالفرد، ومن جعله الماهية قال بتعلق التكليف بالماهية والطبيعة، والمحقق الأصفهاني (ره) يقول إن ظني ان المراد بتعلق الامر بالطبيعة أو الفرد