الثاني: ان يكون الامر في دليل المقيد بنفس التقييد، لا بالقيد كما إذا دل دليل على استحباب الإقامة، وورد في دليل آخر، فلتكن في حال الطهارة وكان ظاهرا في لزوم ذلك وفى مثل ذلك لابد من حمل المطلق على المقيد لان الامر في المقيد يكون ظاهرا في الارشاد إلى شرطية الطهارة، ولا فرق في ذلك بين كون الإقامة واجبة أم مستحبة.
الثالث: ان يكون دليل المقيد مخالفا لدليل المطلق في الحكم كما إذا دل دليل على استحباب الإقامة ثم ورد في دليل آخر النهى عن الإقامة في حال الجلوس، ففي مثل ذلك أيضا لا بد من حمل المطلق على المقيد لما مر من أن النهى عن خصوصية في متعلق الحكم يكون ظاهرا في الارشاد إلى المانعية فيكون مرجع ذلك إلى أن عدم الجلوس، مأخوذ في الإقامة المأمور بها.
فما نسب إلى المشهور من عدم حمل المطلق على المقيد في باب المستحبات لا يتم في شئ من هذه الأقسام الثلاثة، ولا يظن بهم الالتزام بعد الحمل في تلكم الأقسام.
الرابع: ان يتعلق الامر في دليل المقيد بالقيد كما هو الغالب في باب المستحبات كما ورد مطلقات آمرة بزيارة سيد الشهداء صلوات الله عليه، وورد في أدلة اخر استحباب زيارته في أوقات مخصوصة كليالي الجمعة، وما شاكل، وفى مثل ذلك لا يحمل المطلق على المقيد، لما مر من أن الحمل يتوقف على التنافي بين الدليلين، وإذا لم يكن دليل المقيد الزاميا فلا محالة لا يكون منافيا مع الترخيص المستفاد من اطلاق المطلق في تطبيقه على أي فرد من افراده شاء في مقام الامتثال ومع عدم التنافي لا موجب للحمل.
وبما ذكرناه يظهر ان الميزان هو كون دليل المقيد الزاميا، أو غير الزامي: ففي الأول يحمل المطلق على المقيد وان كان دليل المطلق متضمنا لحكم غير الزامي، وفى الثاني لا يحمل وان كان دليل المطلق متضمنا لحكم الزامي، ولعله إلى ذلك نظر المشهور والله العالم.
ثالثها: ان الاطلاق كما عرفت عبارة عن رفض القيود وعدم دخل شئ من القيود في الحكم، ويترتب عليه اختلاف الاطلاق باختلاف المقامات، وتكون نتيجته في بعض