ان المجمل المفهومي ربما يكون مجملا من جميع الوجوه كما في (أكرم العلماء الا بعضهم) وهذا القسم خارج عن محل الكلام، ولا كلام في سقوط العام عن الحجية رأسا، وربما يكون مجملا من بعض الجهات بحيث يبقى للعام موارد متيقنة، كما في (أكرم العلماء الا الفساق منهم) وفرض تردد الفاسق بين اختصاصه بمرتكب الكبيرة، وشموله لمرتكب الصغيرة، حيث إن العالم الذي لا يرتكب شيئا منهما يكون مشمولا للعام يقينا، وهذا هو محل الكلام.
ثم إن المخصص المجمل مفهوما على أربعة اقسام. إذ ربما يكون المخصص متصلا، وربما يكون منفصلا، وعلى كل تقدير، قد يكون امره مرددا يبن الأقل والأكثر.
وقد يكون مرددا بين المتباينين، وقبل بيان ما هو الحق في هذه المسألة لا بد من التنبيه على امر مر تفصيله.
وملخصه، ان لكل كلام صادر من متكلم مختار دلالات، الأولى: الدلالة التصورية. الثانية: الدلالة التصديقية فيما قال. الثالثة: الدلالة التصديقية فيما أراد، والمخصص منفصلا كان أو متصلا لا يصادم الدلالة الأولى، وإذا كان متصلا فهو يصادم و يزاحم الدلالة الثانية، ويوجب قصرها على غير موارد التخصيص، وإذا كان منفصلا فهو لا يصادم الثانية، بل يزاحم الثالثة، ويوجب قصر الحجية على غير مورد التخصيص.
إذا حققت ذلك فاعلم، ان المخصص إذا كان متصلا يسرى اجماله إلى العام كان اجماله لدوران الامر بين الأقل والأكثر، أو لدورانه بين المتباينين: فإنه من جهة مزاحمة الخاص إذا كان متصلا لظهور العام في العموم لا ينعقد للعام ظهور، الا في الافراد المعلوم عدم دخولها تحت الخاص. - وبعبارة أخرى - بعد فرض كون الخاص المتصل موجبا لعدم ظهور العام الا في غير ما هو مشمول للخاص، إذا كان الخاص مجملا يصير العام أيضا مجملا.
وان كان المخصص منفصلا، فان كان امره دائرا بين المتباينين يسرى اجماله إلى العام من جهة ان الخاص، أوجب تقييد مراد المتكلم بشئ، غير معين، وقصر حجيته في غير ذلك الشئ، فإذا كان الخاص مجملا لا محالة يصير العام مجملا، غاية الامر لا