وحاصله بعد الاعتراف بدلالة القضية الشرطية على العلية ان مقتضى اطلاق التأثير هو استناد التالي إلى المقدم مطلقا، ولو كان المقدم علة غير منحصرة لا يستند التالي إلى المقدم كذلك، بل لو سبقه الاخر كان هو المؤثر، ولو قارنه كانا معا مؤثرا فمن اطلاق الاستناد يستكشف انحصار العلة.
وأجاب عنه المحقق الخراساني بقوله، وفيه انه لا يكاد ينكر الدلالة على المفهوم مع اطلاقه كذلك الا انه من المعلوم ندرة تحققه لو لم نقل بعدم اتفاقه.
ومحصله ان الدليل المتضمن للعلية انما يكون في مقام بيان صلاحية الشئ و قابليته للتأثير لا في مقام بيان العلية الفعلية. وعليه فبما انه لا فرق في العلية بهذا المعنى بين الانحصار وعدمه فلا يتم هذا الوجه، ويمكن ان يكون نظره إلى عدم تسليم دلالة القضية الشرطية على العلية.
التقريب الثالث للتمسك بالاطلاق ما ذكره المحقق الخراساني بما حاصله ان مقتضى اطلاق الشرط كون الملازمة ثابتة بين الجزاء وهذا الشرط وليست بينه وبين شئ آخر فيكون نظير ما ذكروه من أن مقتضى اطلاق الامر كون الوجوب تعيينيا.
وأورد عليه المحقق الخراساني بما حاصله ان الوجوب التعييني والتخييري، سنخان من الوجوب، ولكل منهما حد خاص كما حقق في محله، وعليه فإذا تردد الامر بينهما، فبما ان ثبوت الوجوب التخييري، يحتاج إلى التصريح بثبوت العدل، بخلاف الوجوب التعييني فإنه يكفي فيه عدم بيان العدل، فإذا كان المولى في مقام بيان حد الوجوب وجرت ساير مقدمات الحكمة، يثبت الثاني بالاطلاق، وهذا بخلاف العلة فان ثبوت عدل آخر له وعدمه، لا يوجبان اختلافا في سنخ العلية، ولا يتفاوت حدها بثبوت العدل وعدمه، فالاطلاق لا يثبت كون العلة منحصرة، وان شئت قلت: ان الانحصار وعدمه ينتزعان من ثبوت علة أخرى وعدمها، فلا يكون الاطلاق الوارد في مقام بيان العلية مثبتا لأحدهما. نعم، لو كان المولى في مقام بيان كل ماله العلية لهذا الجزاء ولم يصرح بثبوت غير هذه العلة يكشف ذلك عن انحصارها فيها، ولكن ذلك أجنبي عما هو محل الكلام.