وقد استدل في محكى التقريرات لوجوب الخروج بوجهين آخرين:
أحدهما: ان الخروج يكون مقدمة للواجب لوجوب ترك الغصب الزايد عن مقدار الخروج، فيتعلق به الوجوب بحكم العقل الحاكم بالملازمة بين وجوب ذي المقدمة ووجوب مقدمته، فالخروج عن الدار الغصبية يكون مأمورا به لكونه مقدمة للواجب المنجز الفعلي.
وأجاب عنه المحقق الخراساني بجوابين. الأول: ما محصله ان مقدمة الواجب ان كانت مباحة تجب، وان كانت محرمة فمع عدم الانحصار، لا تجب بل يكون الواجب هو المباحة، واما مع الانحصار فان لم يكن وجوب ذي المقدمة أهم لا تجب، وان كان أهم فان كان الانحصار لا بسوء الاختيار، تجب المقدمة، وان كان بسوء الاختيار لا تجب بل تبقى على مبغوضيتها والا لكانت الحرمة معلقة على إرادة المكلف واختياره لغيره و عدم حرمته مع اختياره له، ففي المقام حيث إن الخروج واحد زمانا ففرض خروجه عن المبغوضية لا يعقل فإنه يلزم منه حرمة الخروج على تقدير إرادة الدخول وجوازه على تقدير إرادة نفسه كما هو بعد الدخول.
وقد يقال في توجيه مراده من قوله (والا لكان الحرمة معلقة على إرادة المكلف واختياره لغيره وعدم حرمته مع اختياره له) ان الضمير في قوله لغيره، وله، عائد إلى الخروج فتكون النتيجة تعليق حرمة الخروج على إرادة غير الدخول وهو تركه، و جواز الخروج على إرادة الدخول، فيكون الحاصل حرمة الخروج عند ترك الدخول و تجويزه عند الدخول.
وأيضا قد يقال في توجيه مراده ان المراد بغير الخروج ترك الخروج، وعليه فيلزم من رفع حرمته رجوع الالزام إلى الإباحة أو طلب الحاصل: إذ طلب ترك الخروج معلقا على إرادة ترك الخروج يلزم منه الأول وطلبه معلقا على نفس الخروج يلزم منه الثاني.
وكيف كان فيرد عليه انه لو سلم كون الخروج مقدمة للواجب، لا محالة يصير واجبا إذ بعد فرض سقوط تكليفه التحريمي لا مانع عن اتصافه به، إذا المبغوضية الذاتية لما لم تكن منشئا للأثر وموجبة لزجر الآمر عنه، فلا تنافى مع ايجابه من جهة توقف