نقيضه فليس الفعل منهيا عنه إذ النهى النفسي لا بد وأن يكون عن منقصة، والغيري، لابد وأن يكون لكونه مقدمة للحرام، وشئ من الملاكين لا يكون متحققا في ضد الواجب و نقيضه.
واما ما أجاب به المحقق الخراساني في الحاشية، من أن المانع عن التقرب أحد أمرين. النهى النفسي، والحزازة في الفعل، فالنهي التحريمي مطلقا يوجب الفساد، والنهى التنزيهي انما يوجبه إذا كان عن منقصة وحزازة في الفعل، إذ الفعل لا يكون قابلا للتقرب، مع عدم الترخيص في ارتكابه كما أنه لا يكون قابلا له إذا كان فيه منقصة وحزازة، والا كما في المقام فلا يكون مانعا عنه لكونه مرخوصا فيه وهو على ما هو عليه من الرجحان والمحبوبية.
فهو غير تام، لما ذكرناه في مبحث الضد من أن النهى الغيري كالنفسي يوجب عدم امكان التقرب بالمنهي عنه، فراجع، فالصحيح ما ذكرناه.
الخامس: ما ذكره المحقق النائيني (ره) وهو ان الفعل والترك إذا كان كل منهما مشتملا على مقدار من المصلحة، فحيث انه يستحيل تعلق الامر، بكل من النقيضين في زمان واحد، يكون المؤثر في نظر الآمر إحدى المصلحتين على تقدير كونها أهم، وما فيه المصلحة المهمة لا امر به، لا تعيينا في عرض الامر بالمهم، ولا تخييرا، ولا بنحو الترتب.
اما الأول: فلكونه مستلزما لطلب النقيضين. واما الثاني: فلكونه مستلزما لطلب الحاصل.
واما الثالث: فلما عرفت من عدم جريان الترتب في الضدين الذين لا ثالث لهما، ففي النقيضين أولى بعدم الجريان.
وفيه: ان الفعل والترك وان كانا نقيضين الا ان ما فيه المصلحة هو الفعل العبادي، والترك - أي ترك الفعل رأسا - وهما ليسا نقيضين، لوجود ثالث لهما، وهو الفعل غير العبادي، وعليه فلا مانع من الالتزام بجريان الترتب فيهما وكون الفعل أيضا مأمورا به على تقدير عدم امتثال الامر بالترك. مع، انه لو سلم عدم جريان الترتب في المقام فمن الاجماع القطعي يستكشف وجود الملاك في الفعل فيؤتى به بهذا الداعي فيقع عبادة.