فتحصل، من مجموع ما ذكرناه ان ما افاده الشيخ الأعظم (ره) في هذا القسم من الالتزام بان النهى ارشاد إلى ما في الترك من المصلحة لا انه ناش عن حزازة ومنقصة في الفعل، لتنافي كونه عبادة، ومن مداومتهم - عليهم السلام - بالترك وأمرهم أصحابهم به يستكشف أهمية تلك المصلحة عما في الفعل، وهذا لا ينافي وقوع الفعل عبادة - تام - لا يرد عليه شئ.
نعم، هو خلاف الظاهر فان النهى كما عرفت عبارة عن الزجر عن الفعل لا طلب الترك، والزجر عن الفعل انما يصح إذا كان الفعل ذا منقصة وحزازة، فحمله على إرادة طلب الترك خلاف الظاهر، بل غير صحيح، بل يتعين الالتزام بخلاف ظاهر آخر الذي هو مراد الشيخ (ره) وهو حمل النهى على الارشاد إلى أرجحية الترك.
واما القسم الثاني: فيمكن ان يلتزم فيه بما التزمنا به في القسم الأول.
ويمكن ان يجاب عن الاشكال فيه بجواب آخر وهو يبتنى على مقدمة - وهي - انه إذا تعلق الامر بطبيعة بنحو صرف الوجود فلا محالة يكون المكلف مختارا في تطبيقها على أي فرد شاء ما لم ينه عن فرد بالنهي الارشادي إلى المانعية، أو بالنهي التحريمي وحينئذ ربما لا يكون في خصوصية خاصة محبوبية ولا مبغوضية، وأخرى يكون فيها محبوبية ومصلحة غير ملزمة، وثالثة يكون فيها مبغوضية ومفسدة غير ملزمة، فعلى الأول يكون تطبيق الطبيعة على الفرد المتخصص بتلك الخصوصية مباحا كالصلاة في الدار، وعلى الثاني يكون مستحبا كالصلاة في المسجد، وعلى الثالث يكون مكروها كالصلاة في الحمام إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم أنه في هذا القسم النهى التنزيهي متعلق بتخصيص الطبيعة بالخصوصية التي فيها حزازة ومنقصة، من دون ان يكون في وفاء ذلك الفرد بمصلحة الواجب نقص، بل هذا الفرد يفي بجميع ما يفي به ساير الافراد من المصلحة غاية الامر من جهة تلك الخصوصية نهى عنه تنزيهيا، وبالجملة النهى التنزيهي لم يتعلق بصرف وجود الطبيعة الذي هو متعلق الامر فلا وجه للتنافي بينهما، بل تعلق بتطبيق الطبيعة على هذا الفرد، فلو كان هناك تناف فإنما هو بينه وبين الترخيص في تطبيق الطبيعة على أي فرد شاء المكلف، ولكن بما ان النهى ليس تحريميا بل هو تنزيهي فهو