الا جارى هو ما تعلق به الامر الاستحبابي العبادي المتوجه إلى جميع الناس للنيابة في العبادة عن الميت، بل الحي في بعض الموارد من دون ان يكون له مساس بالامر العبادي المتوجه إلى المنوب عنه، وتمام الكلام في ذلك موكول إلى محله، وقد أشبعنا الكلام في ذلك في الجزء الأول من منهاج الفقاهة في مبحث اخذ الأجرة على الواجب وفى الجزء التاسع من فقه الصادق في مسألة النيابة في الحج، واما في البناء فلانه ان ادعى ان متعلق النهى هو قصد الامتثال، فيرد عليه انه يلزم اجتماع الامر الاستحبابي الضمني المتعلق بقصد القربة مع النهى التنزيهي، وان ادعى ان متعلقه ذات العبادة مع قصد الامر، فيرد عليه انه يلزم وحدة متعلق الامر الاستحبابي، والنهى التنزيهي.
وقد أجاب الشيخ الأعظم وتبعه المحقق الخراساني، عن اشكال اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد في هذا القسم، بما حاصله. ان النهى التنزيهي فيه لا يكون زجرا عن الفعل، بل يكون ارشادا إلى وجود مصلحة في الترك أرجح من مصلحة الفعل، المستكشفة أرجحيته من مداومة الأئمة - عليهم صلوات الله - على الترك، فليست الكراهة في هذا القسم بمعناها المصطلح، المقابل للاستحباب، المتحقق عن الزجر عن الفعل الناشئ عن المفسدة في الفعل، كي تنافى، مع استحبابه، بل هي بمعنى رجحان الترك من جهة انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك فيكون الترك كالفعل ذا مصلحة موافقة للغرض وان كان مصلحة الترك أكثر، فيكون الفعل والترك من قبيل المستحبين المتزاحمين فيحكم بالتخيير بينهما لو لم يكن أهم في البين والا فيتعين الأهم وان كان الاخر يقع صحيحا حيث إنه كان راجحا وموافقا للغرض كما هو الحال في ساير المستحبات المتزاحمات.
وقد أورد على هذا الجواب بايرادات.
الأول: انه لا تستكشف الأرجحية من مداومة الأئمة - عليهم السلام - إذ يمكن ان يكون اختيارهم للترك لأجل مجامعته مع ساير المستحبات من دون رجحان لمزية الترك.
وفيه: ان صوم يوم عاشوراء مثلا لا يكون مزاحما مع ساير المستحبات كي يكون