كذلك في واحد واضح لا يحتاج إلى بيان.
وأما إذا كان المراد به الإرادة والكراهة اللتين هما من الأمور الواقعية، ويكون موضوعهما النفس ومتعلقهما الفعل، فلانه لا مانع من اجتماع إرادات وكراهات كذلك في النفس في زمان واحد كما نشاهد بالعيان بالنسبة إلى أمور متعددة لبساطة النفس وتجردها، واما من حيث المتعلق، فلان المتعلق ليس هو الوجود الخارجي كما حقق في محله بل طبيعي الفعل بما انه فان في الخارج، واجتماع الأوصاف المتباينة في الواحد الطبيعي من الجنسي والنوعي، واضح، بداهة ان الطبيعي مورد لاحكام متعددة ولو من موالي متعددين بالنسبة إلى عبيد كذلك ولا يخرج طبيعي الفعل عن كونه طبيعيا باختلاف الموالى والعبيد، وتعدد الفاعل، والسبب الموجد لا دخل له في تحقق التضاد والتماثل وعدمه بل المناط وحدة الموضوع والمفروض امكان الاجتماع في مثل هذا الواحد، ثم انه (قده) التزم بعدم امكان توجه البعث والزجر نحو شئ واحد لمحذور آخر وهو عدم قدرة العبد على أن ينبعث نحو شئ وينزجر عنه في ذلك الزمان.
أقول: اما انكار التضاد بين الأمر والنهي فهو حق وستعرف تحقيقه، وما انكاره بين الإرادة والكراهة، فهو غير تام، ويتضح بعد بيان مقدمة.
وهي، ان الصفات على قسمين: الأول: الصفات غير ذات الإضافة. الثاني:
الصفات ذات الإضافة، وفى الأول يكون التضاد ثابتا مع وحدة الموضوع. وفى الثاني انما يكون التضاد مع وحدة الطرفين، مثلا، التقدم والتأخر ضدان ولكن التضاد انما يكون مع وحدة المتقدم والمتقدم عليه، والمتأخر والمتأخر عنه، والا فمع تعدد أحد الطرفين لا تضاد بينهما، مثلا، يصح قولنا: زيد متقدم على عمرو، ومتأخر عن بكر، وهذا بخلاف قولنا: زيد متقدم على عمرو ومتأخر عنه.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم، ان الإرادة والكراهة من الصفات ذات الإضافة فالمضادة ليست بين مطلق الإرادة والكراهة بل بين الإرادة الخاصة والكراهة كذلك أي إرادة شخص واحد فعلا واحدا. وكراهته عنه، والتضاد بينهما ثابت، وعليه فاجتماع إرادة وكراهة من الموالى المتعددين، أو بالنسبة إلى عبيد كذلك أو مع تعدد المتعلق لا