لا ينافي الترخيص.
فان قيل إن وجود الطبيعة وتطبيقها على فرد، - وبعبارة أخرى - وجود الخصوصية الذي نعبر عنه بتطبيق الطبيعة على الفرد، هل هما وجودان؟ أم وجود واحد مضاف إليهما؟ فعلى الأول كما يجتمع الوجوب والكراهة يجتمع الوجوب والحرمة، وعلى الثاني لا يمكن اجتماع الوجوب والكراهة أيضا إذ الاحكام بأسرها متضادة لا يعقل اجتماع اثنين منها في مورد واحد.
أجبنا عنه بانا نختار الشق الثاني، ولا ندعي اتصاف ذلك الوجود بالوجوب والكراهة، بل نقول انه واجب لا غير لكونه وافيا بجميع ما في الطبيعة من المصلحة بلا نقص أصلا، ولكن النهى عنه انما يكون ارشادا إلى أن هذا الوجود بما انه وجود للخصوصية أيضا، وتلك الخصوصية يبغضها المولى وفيها مفسدة غير ملزمة، فالحري ان لا يأتي المكلف به في مقام الامتثال وان كان لو اتى به وقع مصداقا للواجب، والمثال العرفي لذلك ما لو امر المولى عبده باتيان الماء وكان غرضه رفع العطش، وكان المولى يكره الاناء من الخزف، ولكن لم يكن هذا لزوميا، فنهى عبده عن اتيان الماء في تلك الاناء نهيا تنزيهيا، والعبد في مقام الامتثال اختار ذلك الفرد، فهو في عين كونه مصداقا للواجب ووافيا بمصلحته بما انه وجود لتلك الخصوصية يكون منهيا عنه بالنهي التنزيهي.
فليكن هذا مراد من فسر الكراهة في هذا القسم بأقلية الثواب أي بما انه متحد مع ما يبغضه المولى يكون أقل ثوابا مما لا يكون متحدا معه فلو كان مراد المحقق الخراساني من قوله في المقام، انه يمكن ان يكون بسبب حصول منقصة في الطبيعة المأمور بها لأجل تشخصها في هذا القسم بمشخص غير ملائم لها كما في الصلاة في الحمام انتهى. فنعم الوفاق، وان كان مراده نقصان المصلحة اللزومية كما هو ظاهره، فلا يتم إذ مع نقص المصلحة اللزومية من حد اللزوم لا يكون العمل واجبا فتأمل.
واما القسم الثالث: وهو ما إذا كانت النسبة بين المأمور به والمنهى عنه عموما من وجه كالصلاة في مواضع التهمة، فالقائل بجواز الاجتماع في وسع من هذا الاشكال، و اما القائل بالامتناع مطلقا أو فيما كان العنوانان منطبقين على وجود واحد كما اخترناه، فله