ويرده أولا انه لو كان كذلك لما كان الثواب على فعل غيره، وثانيا ان سقوط الواجب بفعل المباح يحتاج إلى دليل ولا مجال لتوهم دلالة ما دل على أنه يسقط باتيان بعض افراد المكلفين لأنه انما يكون من ناحية شمول التكليف له ولذا يثاب عليه، وثالثا انه غير معقول لأن المفروض حينئذ انه كل واحدا من المكلفين يشك في كون التكليف متوجها إليه فيجرى البراءة فالمولى لا يصل إلى غرضه بمثل هذا التكليف.
ثانيهما: ان المكلف مجموع آحاد المكلفين من حيث المجموع.
ويرده ان لازمه عدم الامتثال بفعل البعض، مع أنه لو تم لاقتضى كون التكليف متوجها إلى صرف وجود مجموع المكلفين لان بعض الواجبات الكفائية بل كلها غير قابل لان يصدر عن المجموع.
فالمتحصل مما ذكرناه ان الواجب الكفائي، عبارة عن الفعل الواجب على عموم المكلفين على نحو العموم الاستغراقي، فيكون واجبا على كل واحد منهم على نحو السريان، غاية الامر وجوبه على كل فرد مشروط بعدم اتيان الآخرين به:
ثم إن المحقق النائيني ذكر في المقام فرعا وهو انه إذا كان شخصان، متيممين، و وجدا ماءا يكفي لوضوء أحدهما، فهل يبطل تيمم كل واحد منهما، أم لا يبطل شئ منهما، أو يبطل واحد منهما على البدل، لكل وجه، الا انه قوى الوجه الأول، وأفاد ان في المقام أمور ثلاثة: 1 - الامر بالوضوء 2 - الامر بالحيازة، أي حيازة الماء 3 - القدرة على الحيازة، قال لا اشكال في أن الامر بالوضوء مترتب على الحيازة الخارجية، و كون الماء في تصرفه، واما الامر بالحيازة فهو مشروط بعدم سبق الاخر إلى حيازته، واما القدرة على الحيازة، فهي بالقياس إلى كل منهما فعلية، لتمكن كل منهما لحيازة الماء، و عدم كفاية الماء الا لوضوء واحد، انما يكون منشئا لتحقق التزاحم في مقام فعلية الحيازة خارجا، واما فعلية قدرة كل منهما على الحيازة فلا تزاحم فيها أصلا، وبما ان بطلان التيمم، لم يترتب في لسان الدليل، على الامر بالوضوء، بل هو مترتب على وجدان الماء المتحقق في ظرف القدرة على الحيازة، فيبطل التيممان معا، ومن الضروري ان تزاحم الخطابين في ناحية الوضوء لا يستلزم التزاحم في ناحية الحكم ببطلان التيممين.