2 - ان الإرادة لا تتعلق بفعل من الافعال الا بلحاظ اشتماله على المصلحة، فلا محالة يكون موضوع تلك المصلحة شيئا متعينا في نفسه قابلا لان يتشخص في الخارج بوجوده، ومفهوم أحدهما المردد، لا ذات له ولا وجود، ولا تحقق، وكل ما وجد لا محالة يكون معينا، فيمتنع ان يكون موضوعا لتلك المصلحة.
3 - ان الإرادة التشريعية انما تكون محركة نحو الفعل، وموجبة للإرادة التكوينية، وللعضلات، فإذا فرض المحقق النائيني وسلم ان الإرادة التكوينية لا تتعلق بالمردد، فلا يعقل تعلق الإرادة التشريعية به، وهل هو الا التكليف بغير المقدور.
فالأظهر هو القول الأخير، وهو كون المتعلق الكلى الانتزاعي وهو عنوان أحدها، ولا مانع من تعلق التكليف بالأمور الانتزاعية إذا كان منشأ انتزاعها بيد المكلف، ومن المعلوم ان هذا العنوان الانتزاعي قابل للانطباق على كل فرد من افراد الواجب التخييري، وان شئت توضيح ذلك، فهو يظهر ببيان مقدمتين:
الأولى: انه يمكن تعلق صفة حقيقية كالعلم بأحد الامرين أو الأمور، ويكون هذا العنوان معلوما، مثلا إذا علمنا اجمالا بنجاسة أحد الشيئين، واحتملنا نجاسة الاخر، و كانا في الواقع نجسين، فحيث ان نسبة العلم الاجمالي إلى كل منهما على حد سواء فلا يكون المعلوم بالاجمال أحدهما المعين، وليست النجاستين الواقعيتين متعلقتين للعلم على الفرض ولا يكون المعلوم النجاسة الكلية الجامعة لفرض العلم بإحدى الخصوصيتين فلا محالة يكون المتعلق إحدى النجاستين على نحو الاهمال والتردد، فإذا أمكن تعلق الصفات الحقيقية بعنوان أحدهما، فتعلق الأمور الاعتبارية به لا يحتاج إلى بيان.
الثانية: ان التكليف لا بد وان يتعلق بما فيه المصلحة، بالتقريب المتقدم في تعلق الامر بالافراد لا بالطبيعة.
فعلى هذا في المقام بما ان كلا من الفعلين يفي بالغرض الباعث إلى الامر وجعل الوجوب، فلا محالة يلاحظ المولى عنوان أحد الفعلين ويأمر به فانيا في الخارج ولا ادعى ان الواجب هو أحدهما المردد الذي لا ذات له ولا وجود، بل عنوان أحدهما