منهما، لأنه في كل إناء منهما يحتمل أن يكون هو الإناء الذي تعلق العلم بطهارته، ففي كل منهما يحتمل انفصال الشك عن اليقين (1) انتهى.
وذلك لأن العلم التفصيلي الحاصل في زمان مع تبدله بالشك في زمان آخر لا يضر بالاستصحاب، فإن الميزان أن يكون زمان الشك متصلا باليقين في حال جريانه لا قبله، وفي حاله لا يكون للمكلف بالنسبة إلى الإناء المشتبه إلا العلم بالنجاسة سابقا، والشك في إصابته المطر، ولا يحتمل في حاله تخلل اليقين بإصابته المطر بين العلم والشك.
وليس معنى اتصال زمان الشك باليقين أن لا يمر على المشكوك فيه زمان يكون متعلقا للعلم ولو انقلب إلى الجهل، ضرورة أن المناط بحال إجراء الأصل، فلو حصل للمكلف ألف علم بضد الحالة السابقة، ولم يكن في حال الجريان إلا العلم والشك، من غير تخلل علم بالضد أو احتماله - مع أن الاحتمال في المقام لا يمكن كما عرفت - يكون جريانه بلا مانع، ويكون من عدم نقض اليقين بالشك، وهذا واضح جدا.
فتحصل مما ذكرنا: أن الضابط في اتصال زمان الشك باليقين هو أن المكلف في حال إجراء الأصل يكون على يقين متعلق بشئ وشك في بقائه، ولا يكون في هذا الحال له يقين آخر مضاد ليقينه، فاصل بينه وبين شكه ولا احتماله، واعتباره في الاستصحاب وأوضح من أن يخفى، لأنه إذا كان له يقينان كذلك ينتقض يقينه السابق باليقين اللاحق، فلا يكون شاكا في بقاء ما تعلق به اليقين الأول.
إذا عرفت ذلك: يتضح أن جريان الأصل في مجهولي التأريخ لا مانع منه إذا كان الأثر مترتبا على عدم كل منهما في زمان وجود الآخر، ولا يكون زمان اليقين منفصلا عن زمان الشك بيقين مضاد لليقين السابق، ولا يحتمل ذلك أيضا، كما عرفت.