وأما الحكم الوضعي المجعول بالتبع كالشرطية والسببية والمانعية، فجريان الاستصحاب فيه وإن كان لا مانع منه من حيث المقتضي وشمول الدليل من قوله (ع):
" لا تنقض... " إلا أنه لا تصل النوبة إلى جريان الاستصحاب فيه، بل يجري الاستصحاب في منشأ انتزاعه. فإذا شككنا في بقاء شرطية الاستقبال للصلاة مثلا، لا تصل النوبة إلى جريان الاستصحاب في نفس الشرطية، بأن يقال: الشرطية كانت متيقنة والآن كما كانت، لجريان الاستصحاب في منشأ انتزاعها، وهو كون الامر بالصلاة مقيدا بالاستقبال، فنقول: الامر بالصلاة كان مقيدا بالاستقبال والآن كما كان، فيحكم بكون الاستقبال شرطا ظاهريا للصلاة للاستصحاب، فان الشرطية الواقعية منتزعة من الامر الواقعي بالمقيد، والشرطية الظاهرية منتزعة من الامر الظاهري بالمقيد.
فتحصل أن التفصيل بين الأحكام التكليفية والوضعية في جريان الاستصحاب مما لاوجه له. هذا تمام الكلام في حجية الاستصحاب وبعض التفصيلات المهمة، وأعرضنا عن ذكر أكثر التفصيلات لعدم أهميتها، ثم يقع الكلام في التنبيه على أمور:
(التنبيه الأول) - أنه لافرق في جران الاستصحاب بين أن يكون المتيقن سابقا والمشكوك فيه فعليا، كما إذا علمنا بعدالة زيد سابقا وشككنا في بقائها فعلا، أو يكون المتيقن فعليا والمشكوك فيه استقباليا، كما إذا علمنا بعدالة زيد الآن، وشككنا في بقائها إلي اليوم الآتي مثلا، ويسمى بالاستصحاب الاستقبالي، ومورد بعض أدلة الاستصحاب وإن كان هو القسم الأول بالخصوص، كما في قوله (ع):
"... لأنك كنت على يقين من طهارتك... " إلا أن عموم التعليل في بعضها يقتضي عدم الفرق بين القسمين، إذ قوله (ع): " إن اليقين لا ينقض بالشك " يدل على أن ملاك الاستصحاب هو عدم جواز نقض اليقين بالشك، بلا فرق بين كون