فهو المجعول تشريعا دون الماهية. فتحصل أن المجعول الشرعي منحصر في الأحكام التكليفية والوضعية.
ثم إن الحكم التكليفي قد يكون مجعولا بنحو القضية الحقيقية والكبرى الكلية.
كقوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت... " وقد يكون مجعولا بنحو القضية الشخصية. كما في أمر الرسول صلى الله عليه وآله الشيخين بالخروج مع جيش أسامة.
وكذا الحكم الوضعي تارة يكون مجعولا بنحو القضية الحقيقية كما في قوله تعالى:
" أحل الله البيع... " بناء على كون المراد بحليته الحلية الوضعية. وكما في القضاة العامة المجعولة بنحو القضية الحقيقية المستفادة من قوله (ع): " انظروا إلى رجل قد نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا... إلى قوله (ع): فاني قد جعلته حاكما " وأخرى يكون مجعولا بنحو القضية الشخصية. كما في نصب الإمام عليه السلام شخصا معينا قاضيا في بلدة معينة. وبالجملة، في كل مورد حكم فيه الرسول بما هو رسول أو الامام بما هو إمام. فهو حكم شرعي يجب امتثاله، وان كان الحق عندنا وجوب إطاعة الرسول أو الامام حتى فيما إذا حكم بما هو هو لا بما هو رسول أو بما هو إمام.
إذا عرفت ما ذكرناه من الفرق بين الأحكام التكليفية والوضعية وأقسامهما، تعلم صحة جريان الاستصحاب في الأحكام الوضعية أيضا.
أما الحكم الوضعي المجعول بالاستقلال كالملكية والزوجية، فأمره واضح، لكونه كالحكم التكليفي من جميع الجهات، فان قلنا بجريان الاستصحاب في الاحكام الكلية التكليفية، نقول به في الأحكام الوضعية أيضا، سواء كان الشك من جهة احتمال النسخ أو من جهة احتمال الرافع، وإن قلنا باختصاص الاستصحاب بالشبهات الموضوعية، نقول به في الأحكام الوضعية،