الكلام في الاستصحاب وتحقيق القول فيه يقتضي التكلم في جهات:
(الجهة الأولى) في تعريفه، وقد ذكر شيخنا الأنصاري (ره) عدة من التعاريف التي عرفوه بها، وقال: " إن أسدها وأخصرها إبقاء ما كان "، وليس المراد من الابقاء هو الابقاء التكويني الخارجي، بل المراد هو حكم الشارع بالبقاء، فالمراد من الابقاء هو الابقاء بحكم الشارع. وقال صاحب الكفاية (ره): " إن عباراتهم في تعريفه وان كانت شتى، إلا انها تشير إلى مفهوم واحد وهو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه ".
أقول أما ما ذكره صاحب الكفاية (ره) من التعريف، فهو شرح لما ذكره الشيخ (ره) لا غيره. وأما ما ذكره من كون التعاريف مشيرة إلى معنى واحد، فغير صحيح، لاختلاف المباني في الاستصحاب، وكيف يصح تعريف الاستصحاب بأنه حكم الشارع بالبقاء في ظرف الشك بناء على كون الاستصحاب من الامارات؟ فان الامارات ما ينكشف الحكم بها فلا يصح تعريفها بالحكم.
والذي ينبغي ان يقال: ان البحث في الاستصحاب راجع إلى أمرين لا إلى أمر واحد: (الأول) البحث عنه بناء على كونه من الامارات. و (الثاني) البحث عنه بناء على كونه من الأصول، أما على القول بكونه من الامارات المفيدة للظن النوعي، فالصحيح في تعريفه ما نقله الشيخ (ره) عن بعضهم من أن الاستصحاب كون الحكم متيقنا في الان السابق مشكوك البقاء في الان اللاحق. فان كون الحكم متيقنا في الان السابق امارة على بقائه ومفيدة للظن النوعي، فيكون الاستصحاب كسائر الامارات المفيدة للظن النوعي، ويكون المثبت منه حجة أيضا على ما هو المعروف بينهم