يكون البحث عنه بحثا عن مسألة فقهية، كما ذكرناه سابقا، ولا مانع من اجتماع الجهتين فيه، فإنه يثبت كونه قاعدة أصولية وقاعدة فقهية بدليل واحد وهو قوله (ع):
(لا تنقض اليقين بالشك) فان اطلاقه شامل لليقين والشك المتعلقين بالأحكام الكلية، واليقين والشك المتعلقين بالأحكام الجزئية أو الموضوعات الخارجية كما مر نظيره في بحث حجية الخبر الواحد، بناء على حجية الخبر في الموضوعات أيضا. فان اطلاق دليل الحجية يشمل ما لو تعلق الخبر بالأحكام وما لو تعلق بالموضوعات، فبدليل واحد يثبت كونها قاعدة أصولية وقاعدة فقهية، ولا مانع منه أصلا:
(الجهة الثالثة) في الفرق بين الاستصحاب وقاعدة اليقين وقاعدة المقتضي والمانع، فنقول: اليقين والشك متضادان، بل باعتبار خصوصية فيهما متناقضان، لان اليقين يعتبر فيه عدم احتمال الخلاف، والشك يعتبر فيه احتمال الخلاف. وبين هاتين الخصوصيتين تناقض وإن كان بين اليقين والشك المتخصصين بهما هو التضاد. وكيف كان لا يمكن اجتماع اليقين والشك لشخص واحد بالنسبة إلى شئ واحد، فإذا اجتمع اليقين والشك لشخص: فاما أن يكون متعلق اليقين والشك متبائنين بلا ارتباط لأحدهما بالآخر، كما إذا تعلق اليقين بعدالة زيد والشك باجتهاده أو باجتهاد شخص آخر، وهذا لا يتعلق بالبحث عنه غرض في المقام. وإما أن يكون بينهما نوع ارتباط بأن يكون متعلق اليقين جزء علة لمتعلق الشك فيكون متعلق اليقين هو المقتضي بالكسر ومتعلق الشك هو المقتضى بالفتح، فبعد اليقين بتحقق المقتضي بالكسر يشك في تحقق المقتضى بالفتح، لاحتمال وجود المانع. وهذا هو مورد قاعدة المقتضي والمانع، وسيأتي الكلام فيها بعد الفراغ عن الاستصحاب انشاء الله تعالى. وإما أن يكون متعلق اليقين والشك متحدا ذاتا ومتغايرا زمانا فتارة يكون متعلق اليقين مقدما ومتعلق الشك مؤخرا، بأن يكون الشئ متيقنا