وان كان لنا كلام في حجية الاستصحاب المثبت حتى على القول بكونه من الامارات.
وسيجئ الكلام فيه انشاء الله تعالى، كما أنه على القول باعتباره من باب إفادته الظن الشخصي، فالصحيح في تعريفه أن يقال: إن الاستصحاب هو الظن ببقاء حكم يقيني الحصول في الان السابق مشكوك البقاء في الان اللاحق، فيكون الاستصحاب كبعض الظنون الشخصية المعتبرة شرعا في بعض المقامات، كالظن في تشخيص القبلة وكالظن بالركعات في الصلوات الرباعية. وهذا المعنى هو المأخوذ من الكبرى في كلام شارح المختصر على ما نقله الشيخ (ره) من قوله: " الحكم الفلاني قد كان متيقنا سابقا، وشك في بقائه، وكلما كان كذلك فهو مظنون البقاء ". وأما على القول بكونه من الأصول، فلابد من تعريفه بالحكم كما وقع في كلام الشيخ وصاحب الكفاية، لكن لا بما ذكراه من أنه الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم، فان الاستصحاب على هذا التقدير مأخوذ من الاخبار وعمدتها صحاح زرارة وليس فيها ما يدل على الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم، بل المستفاد منها حرمة نقض اليقين بالشك من حيث العمل، والحكم ببقاء اليقين من حيث العمل في ظرف الشك، فالصحيح في تعريفه على هذا المسلك أن يقال إن الاستصحاب هو حكم الشارع ببقاء اليقين في ظرف الشك من حيث الجري العملي.
(الجهة الثانية) في أن البحث عن الاستصحاب هل يكون بحثا عن مسألة أصولية أو فقهية؟
فنقول أما على القول باختصاص حجية الاستصحاب بالشبهات الموضوعية وعدم حجيته في الاحكام الكلية الإلهية كما هو المختار، فالبحث عنه يرجع إلى البحث عن قاعدة فقهية مستفادة من الاخبار، فيكون الاستصحاب من القواعد الفقهية كقاعدة الطهارة وقاعدة التجاوز، ويعتبر فيه حينئذ اليقين السابق والشك اللاحق من المقلد، ولا يكفي تحققهما من المجتهد بالنسبة إلى تكليف المقلد، فلو كان المقلد متيقنا بالطهارة من الحدث