إذ المفروض أن فتوى الأعلم حجة في حقه. وقد قامت الحجة على اعتبار فتوى غير الأعلم. وما عن السيد (ره) في العروة من الاستشكال في ذلك لا نعرف له وجها، ضرورة ان فتواه بجواز تقليد غير الأعلم كفتواه بجواز الرجوع إلى البينة في اثبات الطهارة أو النجاسة مثلا. نعم لو حصل للعامي يقين بعدم جواز تقليد غير الأعلم، كما إذا استقل عقله بأن نسبة المفضول إلى الفاضل هي نسبة الجاهل إلى العالم، لا يجوز له تقليد غير الأعلم ولو مع فتوى الأعلم بجواز تقليد غير الأعلم، لكونه عالما بخطأ الأعلم في هذه المسألة، فلا يجوز اتباعه فيها. ولكن هذا الفرض خارج عن محل الكلام، فان الكلام فيما إذا كان العامي شاكا في جواز تقليد غير الأعلم.
و (أما المقام الثاني) وهو جواز الافتاء بجواز تقليد غير الأعلم فيقع الكلام فيه في موردين: (المورد الأول) - فيما إدا علم الاختلاف بين الأعلم وغيره في الفتوى تفصيلا، أو اجمالا، وكان فتوى الأعلم موافقا للاحتياط. (المورد الثاني) - فيما إذا لم يعلم اختلافهما أصلا، أو علم الاختلاف ولكن كان فتوى غير الأعلم موافقا للاحتياط، كما إذ رأى الأعلم استحباب السورة في الصلاة، وغيره يرى وجوبها فيها.
(أما المورد الأول) فالظاهر فيه عدم جواز تقليد غير الأعلم. والوجه فيه أن أدلة حجية الفتوى - من الآيات والروايات - لا تشمل الفتويين المتخالفين، لما تقدم في بحث التعادل والترجيح من سقوط المتعارضين عن الاعتبار، وأن دليل الاعتبار لا يشمل شيئا منهما، فلابد في اثبات اعتبار أحدهما من التماس دليل آخر. ولا دليل في المقام إلا السيرة العقلائية. ولا ينبغي الريب في قيام السيرة على الرجوع إلى الأعلم في مورد الاختلاف بينه وبين غيره. ومع الغض عن ذلك تصل النوبة إلى الأصل.