إذا عرفت ما ذكرناه من الضابطة للمسائل الأصولية، تعرف ان قاعدة الفراغ ليست من المسائل الأصولية، بل من المسائل الفقهية، فان ضم الصغرى إليها لا ينتج إلا الحكم الجزئي، فيقال: هذا الشك شك بعد الفراغ، والشك بعد الفراغ مما لا أثر له ولا يعتنى به. وأيضا تطبيق قاعدة الفراغ على الجزئيات إنما هو بيد المقلد، فإنه يرى أن هذا الشك المتعلق بعدد الركعات مثلا إنما حدث بعد الفراغ من الصلاة.
فتحصل أن قاعدة الفراغ من القواعد الفقهية، وإن كانت هي بنفسها من نتائج المسائل الأصولية، لكونها مستفاد من الاخبار بمقتضى حجية الظواهر وحجية الاخبار من حيث السند. والبحث عن حجية الظواهر وحجية السند من المسائل الأصولية.
(الجهة الثانية) - في أن قاعدة الفراغ من الأصول العملية المقررة للشاك في مقام العمل، أو من الامارات الناظرة إلى الواقع الكاشفة عنه كشفا ناقصا وتممه الشارع؟ وقد ظهر - مما ذكرناه في وجه تقديمها على الاستصحاب - كونها من الامارات، ولكنه لا تترتب ثمرة على هذا النزاع، إذ لا اشكال في تقدمها على الاستصحاب وإن قلنا بكونها من الأصول، ولا في تأخرها عن الامارات وان قلنا بكونها منها، فإذا شككنا - بعد الفراغ من صلاة المغرب مثلا - بين الثلاث والأربع، وقامت بينة على كونها أربع، فلا اشكال في تقديم البينة على قاعدة الفراغ والحكم بفسادها.
فإذا لا ثمرة بين القول بكونها من الأصول، والقول بكونها من الامارات. وتوهم ظهور الثمرة - بينهما بالنسبة إلى اللوازم لحجية مثبتات الامارات دون الأصول، فإذا شككنا بعد الفراغ من الصلاة في اتيان الوضوء قبلها يحكم بصحة الصلاة المأتي بها لقاعدة الفراغ، وبوجوب الوضوء للصلاة الباقية على القول بكونها من الأصول، بخلاف