عنها كما جرت عليه سيرة كثير من العلماء والصلحاء من ترك قرائة القران وعيادة المرضى وتشييع الجنائز وزيارة الاخوان وزيارة المعصومين من تسلط الشيطان وترك النوافل الرواتب التي يشبه تركها ترك الواجب متعللين بان طلب العلم أفضل وان ترجيح المفضول على الفاضل لا يعقل وهذا مخالف لطريقة أهل الأديان من زمان أبينا آدم (ع) إلى الان وقد علم من طريقة هذه الأمة وسيرة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) انهم لم يزالوا يجمعون بين العبادات المقبولة الفاضلة منها والمفضولة فإنهم لم يزالوا يتركون أفضل الأشياء من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والمواعظ والنصايح وهي أفضل الأعمال لصلاة نافلة راتبة أو غير راتبة ولعيادة مريض و تشييع جنازة وزيارة مؤمن ومشايعته واستقباله فمن أمعن في طريقة الشرع نظره واجال في تضاعيف الاخبار فكره علم بوجه اليقين ان الجمع بين الراجح والمرجوح من السنن سيرة سيد المرسلين والأئمة الطاهرين وجميع العلماء العاملين خلفا بعد سلف وقد يعرض الرجحان بسبب تعدد المكان ويجرى في جميع العبادات لمقتضى التعليل في الصلاة من شهادة الأمكنة المقصد الحادي والعشرون في أن الراجح من العبادات قد يعارضه ما هو أرجح منه بحيث لا يمكن الجمع بينهما وهو ضربان منه ما ينسخ رجحان المرجوح منها فلا يبقى صحيحا كالنذر ونحوه والصوم بدون اذن المولى والوالد والزوج أو بشرط منع الأخيرين على اختلاف الرأيين لان التوقف على أمرهم وتقديم استيذانهم أهم في نظر الشارع من الدخول فيها من دون ذلك فحكم بفسادها لذلك وفي باقي المندوبات يتحد الحال في العبد في كل ماله تصرف بالبدن وفي غير المملوك أو فيه فيما لا يدعى تصرفا من حركة أو سكون أو مقال أو بعض جزئيات الافعال انما يحرم بالمنع وغير المملوك لا يحتاج إلى الاستيذان في شئ منها مع عدم تفويت شئ من الحقوق كطلب العلم من دون تعين والصلاة والدعوات والاذكار والسفر إلى الزيارات والخروج إلى بعض الطاعات أو إلى التجارات فإنها انما تمنع بالمنع ويستوي حكم الوالدين بل الأجداد القريبة هيهنا ولا يجب طاعتهما فيما فيه ضرر دنيوي من ترك الاكتساب أو أخروي يخشى منه استحقاق العقاب ومنه ما لا ينسخ الرجحانية بل يترتب على المرجوح ما قدر له من الثواب ولو اتى بالراجح كان له ما قرر له منه وفقه المسألة ان التعارض بين طاعة الله وطاعة ما أمر بطاعته ثم إن التكاليف ان صدرت من تابع ومتبوع فلا معارضة وان صدرت من مستقلين أصليين تعارضت ويجئ فيها مسألة التعارض وإن كانت من مستقل مستند إلى أمر غيره كالتعارض بين طاعة الله وطاعة من أمر بطاعته إما بين واجبين أو محرمين أو مختلفين فنحكم طاعة الله ونخص دليل طاعة المخلوق عقلا ونقلا بنحو ما في نهج البلاغة من أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وكذا بين المتماثلين من الحكمين الآخرين ولو كان الحتم في طرف وخلافه في اخر قدم الحتم والظاهر تمشية أصل البراءة واصل الإباحة فيما لا يتعلق به الامر لغير المملوك المقصد الثاني والعشرون في أن كل ما اعتبر فيه القربة لا بد ان يقصد به وجه الله تعالى وكلما كان مخصوصا باسم الله لا يجوز لغير الله فمن نذر لنبي أو امام أو ولي قائلا لله علي كذا لرسول الله صلى الله عليه وآله أو للإمام (ع) على معنى الصرف في ثوابه انعقد نذره وان لم يذكر الاسم فلا انعقاد والأحوط العمل موافقة لصورة النذر واما السجود على وجه العبادة والامتثال لأمر المعبود فلا يكون لغير الله واما بقصد التبرك بتمريغ الجبهة أو التشرف بإصابة المكان الشريف أو للمحبة أو بقصد الشكر لله على وفقه (توفقه) للوصول إلى أشرف البقاع أو لاستحضار عظمة الله عند النظر إلى قبر العظيم من أوليائه فلا باس وعلى بعض هذه الوجوه ينزل سجود الملائكة لادم وسجود أبوي يوسف ليوسف وكذا الركوع إن كان على وجه العبادة فلا يجوز لغير الله واما بقصد التعظيم أو استجلاب المحبة أو طلاب الحاجة أو مع استحضار عظمة الله فلا باس به فالركوع للأعاظم من السلاطين والخوانين ليس بمحظور الا ان التواضع للجبابرة والمتكبرين فيه اعلاء لشأنهم وزيادة في تعظيمهم وهو في أشد الكراهة الا ان يقصد به جلب نفع أو دفع ضرر لا مجرد ميل النفس الامارة والحاصل ان التواضع بالقيام وسماع أمر كل أمر وقضاء حاجة كل طالب وغيرها متى كانت بقصد العبودية قضت بكفر (الفاعل فالأعمال تتبع المقاصد والنيات ويختلف حكمها باختلاف العبادات خاتمه في أنه ينبغي للعابد أن يستقل عبادته ويرى نفسه) كأنه لم يصنع شيئا لان جميع ما تقوم العمل به لله ومن الله وليس للعامل حقيقة عمل فالنفس منه والعقل منه والقوة منه والحركة منه والسكون منه والتوفيق منه والشرائط منه وما يتوقف عليه منه فلا ماء ولا لباس ولا بناء ولا قبلة ولا مكان ولا غيرها الا منه وله في عمل غيره نظر اخر فلا يستحقره كما أنه يلزم على العاصي استكبار المعصية وان صغرت في نظره بالتأمل في أن المعصية انما كانت بما هو له من قوى وجوارح وقوة ونحوها وانها أعيرت له لينتفع بها في جهة خاصة والتجاوز عنها خيانة للأمانة وبالتأمل في نعمته وفي حقارته في مبدئه وغايته وانه بمنزلة الخلاء أو أدنى منه لاشتماله على قذارات فوق قذارته وبالنظر فيمن عصى وعلى من تجرى فيجد أصغر الصغاير أكبر الكبائر ثم من تمام صفات الملك والملكوت والكبرياء والجبروت والعظمة والسلطان الرضا والغضب والثواب والعقاب واللطف والرحمة وانما تكون المؤاخذة بعد ظهور الاستحقاق وانما يكون ذلك بعد الاختيار بالتكليف لئلا يكون للناس على الله حجة ولولاه لنقصت صفات الكمال لان ظهور كمال كل صفة صفة كمال ثانية وهو لطف وخلافه خلاف اللطف على المكلفين إذ لولاه لفات شرف العبودية والخدمة والآتيان بصورة العوض
(٦٨)