ولد، هذا على أن وحيدا منتصب على الحال من الموصول أو من الضمير العائد إليه المحذوف، ويجوز أن يكون حالا من الياء في ذرني: أي دعني وحدي معه، فإني أكفيك في الانتقام منه، والأول أولى. قال المفسرون:
وهو الوليد بن المغيرة. قال مقاتل: يقول خل بيني وبينه فأنا أنفرد بهلكته، وإنما خص بالذكر لمزيد كفره وعظيم جحوده لنعم الله عليه، وقيل أراد بالوحيد الذي لا يعرف أبوه، وكان يقال في الوليد بن المغيرة إنه دعى (وجعلت له مالا مدودا) أي كثيرا، أو يمد بالزيادة والنماء شيئا بعد شئ. قال الزجاج: مالا غير منقطع عنه، وقد كان الوليد بن المغيرة مشهورا بكثرة المال على اختلاف أنواعه، قيل كان يحصل له من غلة أمواله ألف ألف دينار، وقيل أربعة آلاف دينار، وقيل ألف دينار (وبنين شهودا) أي وجعلت له بنين حضورا بمكة معه لا يسافرون ولا يحتاجون إلى التفرق في طلب الرزق لكثرة مال أبيهم. قال الضحاك: كانوا سبعة ولدوا بمكة، وخمسة ولدوا بالطائف. وقال سعيد بن جبير: كانوا ثلاثة عشر ولدا. وقال مقاتل: كانوا سبعة كلهم رجال، أسلم منهم ثلاثة خالد وهشام والوليد بن الوليد، فما زال الوليد بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله وولده حتى هلك.
وقيل معنى شهودا أنه إذا ذكر ذكروا معه، وقيل كانوا يشهدون معه ما كان يشهده ويقومون بما كان يباشره (ومهدت له تمهيدا) أي بسطت له في العيش وطول العمر والرياسة في قريش، والتمهيد عند العرب التوطئة، ومنه مهد الصبي. وقال مجاهد: إنه المال بعضه فوق بعض كما يمهد الفراش (ثم يطمع أن أزيد) أي يطمع بعد هذا كله في الزيادة لكثرة حرصه وشدة طعمه مع كفرانه للنعم وإشراكه بالله. قال الحسن: لم يطمع أن أدخله الجنة، وكان يقول: إن كان محمد صادقا فما خلقت الجنة إلا لي. ثم ردعه الله سبحانه وزجره فقال (كلا) أي لست أزيده.
ثم علل ذلك بقوله (إنه كان لآياتنا عنيدا) أي معاندا لها وكافرا بما أنزلناه منها على رسولنا، يقال عند يعند بالكسر إذا خالف الحق ورده، وهو يعرفه فهو عنيد وعاند، والعاند الذي يجوز عن الطريق ويعدل عن القصد، ومنه قول الحارثي:
إذا ركبت فاجعلاني وسطا * إني كبير لا أطيق العندا قال أبو صالح: عنيدا معناه مباعدا. وقال قتادة: جاحدا. وقال مقاتل: معرضا (سأرهقه صعودا) أي سأكلفه مشقة من العذاب وهو مثل لما يلقاه من العذاب الصعب الذي لا يطاق، وقيل المعنى: إنه يكلف أن يصعد جبلا من نار، والإرهاق في كلام العرب: أن يحمل الإنسان الشئ الثقيل، وجملة (إنه فكر وقدر) تعليل لما تقدم من الوعيد: أي إنه فكر في شأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما أنزل عليه من القرآن وقدر في نفسه:
أي هيأ الكلام في نفسه، والعرب تقول: هيأت الشئ إذا قدرته، وقدرت الشئ إذا هيأته، وذلك أنه لما سمع القرآن لم يزل يفكر ماذا يقول فيه وقدر في نفسه ما يقول، فذمه الله وقال (فقتل كيف قدر) أي لعن وعذب كيف قدر: أي على أي حال قدر ما قدر من الكلام كما يقال في الكلام: لأضربنه كيف صنع: أي على أي حال كانت منه، وقيل المعنى: قهر وغلب كيف قدر، ومنه قول الشاعر:
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي * بسهميك في أعشار قلب مقتل وقال الزهري: عذب، وهو من باب الدعاء عليه، والتكرير في قوله (ثم قتل كيف قدر) للمبالغة والتأكيد (ثم نظر) أي بأس بأي شئ يدفع القرآن ويقدح فيه، أو فكر في القرآن وتدبر ما هو (ثم عبس) أي قطب وجهه لما لم يجد مطعنا يطعن به في القرآن، والعبس مصدر عبس مخففا يعبس عبسا وعبوسا إذا قطب، وقيل عبس