حياك ود فإن لا يحل لنا * لهو النساء وإن الدين قد غربا وأما سواع فكان لهذيل بساحل البحر، وأما يغوث فكان لغطيف من مراد بالجرف من سبأ في قول قتادة.
وقال المهدوي: لمراد ثم لغطفان، وأما يعوق فكان لهمدان في قول قتادة وعكرمة وعطاء. وقال الثعلبي: كان لكهلان بن سبأ، ثم توارثوه حتى صار في همدان، وفيه يقول مالك بن نمط الهمداني:
يريش الله في الدنيا ويبري * ولا يبري يعوق ولا يريش * وأما نسر فكان لذي الكلاع من حمير في قول قتادة ومقاتل. قرأ الجمهور " ودا " بفتح الواو. وقرأ نافع بضمها. قال الليث: ود بضم الواو صنم لقريش، وبفتحها صنم كان لقوم نوح، وبه سمى عمرو بن ود. قال في الصحاح، والود بالفتح: الوتد في لغة أهل نجد كأنهم سكنوا التاء وأدغموها في الدال. وقرأ الجمهور " ولا يغوث ويعوق " بغير تنوين، فإن كانا عربيين فالمنع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، وإن كانا عجميين فللعجمية والعلمية. وقرأ الأعمش " ولا يغوثا ويعوقا " بالصرف. قال ابن عطية: وذلك وهم. ووجه تخصيص هذه الأصنام بالذكر مع دخولها تحت الآلهة، لأنها كانت أكبر أصنامهم وأعظمها (وقد أضلوا كثيرا) أي أضل كبراؤهم ورؤساؤهم كثيرا من الناس، وقيل الضمير راجع إلى الأصنام: أي أضل بسببها كثير من الناس كقول إبراهيم - رب إنهن أضللن كثيرا من الناس - وأجري عليهم ضمير من يعقل لاعتقاد الكفار الذين يعبدونها أنها تعقل (ولا تزد الظالمين إلا ضلالا) معطوف على - رب إنهم عصوني - ووضع الظاهر موضع المضمر تسجيلا عليهم بالظلم. وقال أبو حيان: إنه معطوف على قد أضلوا، ومعنى الإضلالا إلا عذابا: كذا قال ابن بحر، واستدل على ذلك بقوله - إن المجرمين في ضلال وسعر -، وقيل إلا خسرانا، وقيل إلا فتنة بالمال والولد، وقيل الضياع، وقيل ضلالا في مكرهم (مما خطيئاتهم أغرقوا) ما مزيدة للتأكيد، والمعنى: من خطيئاتهم: أي من أجلها وبسببها أغرقوا بالطوفان (فأدخلوا نارا) عقب ذلك، وهي نار الآخرة، وقيل عذاب القبر. قرأ الجمهور " خطيئاتهم " على جمع السلامة، وقرأ أبو عمرو " خطاياهم " على جمع التكسير، وقرأ الجحدري وعمرو بن عبيد والأعمش وأبو حيوة وأشهب العقيلي خطيئتهم على الإفراد. قال الضحاك عذبوا بالنار في الدنيا مع الغرق في حالة واحدة كانوا يغرقون في جانب ويحترقون في جانب. قرأ الجمهور " أغرقوا " من أغرق، وقرأ زيد بن علي " غرقوا " بالتشديد (فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا) أي لم يجدوا أحدا يمنعهم من عذاب الله ويدفعه عنهم (وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) معطوف على (قال نوح رب إنهم عصوني) لما أيس نوح عليه السلام من إيمانهم وإقلاعهم عن الكفر دعا عليهم بالهلاك. قال قتادة: دعا عليهم بعد أن أوحى إليه - إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن - فأجاب الله دعوته وأغرقهم. وقال محمد بن كعب ومقاتل والربيع بن أنس وابن زيد وعطية: إنما قال هذا حين أخرج الله كل مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم، وأعقم أرحام النساء وأصلاب الآباء قبل العذاب بسبعين سنة، وقيل بأربعين. قال قتادة: لم يكن فيهم صبي وقت العذاب.
وقال الحسن وأبو العالية: لو أهلك الله أطفالهم معهم كان عذابا من الله لهم وعدلا فيهم ولكن أهلك ذريتهم وأطفالهم بغير عذاب ثم أهلكهم بالعذاب، ومعنى ديارا: من يسكن الديار، وأصله ديوار على فيعال، من دار يدور، فقلبت الواو ياء وأدغمت إحداهما في الآخرى، مثل القيام أصله قيوام، وقال القتيبي: أصله من الدار: أي نازل بالدار، يقال ما بالدار ديار: أي أحد، وقيل الديار: صاحب الديار، والمعنى: لا تدع أحدا منهم إلا أهلكته (إنك إن تذرهم يضلوا عبادك) أي إن تتركهم على الأرض يضلوا عبادك عن طريق الحق (ولا يلدوا إلا