وهي لغة الأنصار. وقرأ أبو العالية وابن السميفع بفتح الباء وإسكان الخاء. وقرأ نصر بن عاصم بضمهما، وكلها لغات (ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد) أي ومن يعرض عن الإنفاق فإن الله غي عنه محمود عنه خلقه لا يضره ذلك. قرأ الجمهور هو الغني بإثبات ضمير الفصل. وقرأ نافع وابن عامر فإن الله الغني الحميد بحذف الضمير.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم) يقول في الدين والدنيا (إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) قال نخلقها (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) من الدنيا (ولا تفرحوا بما آتاكم) منها. وأخرج ابن جرير عنه في الآية قال: هو شئ قد فرغ منه من قبل أن تبرأ الأنفس. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عنه أيضا في قوله (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) الآية قال: ليس أحد إلا وهو يحزن ويفرح، ولكن من أصابته مصيبة جعلها صبرا، ومن أصابه خير جعله شكرا. وأخرج ابن المنذر عنه في الآية قال: يريد مصائب المعاش، ولا يريد مصائب الدين، وإنه قال: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) وليس هذا من مصائب الدين، أمرهم أن يأسوا على السيئة ويفرحوا بالحسنة.
سورة الحديد (25 - 29) قوله (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات) أي بالمعجزات البينة والشرائع الظاهرة (وأنزلنا معهم الكتاب المراد الجنس، فيدخل فيه كتاب كل رسول (والميزان ليقوم الناس بالقسط) قال قتادة ومقاتل بن حيان: الميزان العدل، والمعنى: أمرناهم بالعدل كما في قوله - والسماء رفعها ووضع الميزان - وقوله - الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان - وقال ابن زيد: وهو ما يوزن به ويتعامل به، ومعنى - ليقوم الناس بالقسط - ليتبعوا ما أمروا به من العدل فيتعاملوا فيما بينهم بالنصفة، والقسط العدل، وهو يدل على أن المراد بالميزان العدل، ومعنى إنزاله: إنزال أسبابه