لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) قال: فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أين ذهبتم؟ إنما هي لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم " وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ عن الحسن: أن ابن مسعود سأله رجل عن قوله (عليكم أنفسكم) فقال: يا أيها الناس إنه ليس بزمانها إنها اليوم مقبولة. ولكنه قد أوشك أن يأتي زمان تأمرون بالمعروف فيصنع بكم كذا وكذا، أو قال:
فلا يقبل منكم، فحينئذ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عنه في الآية قال " مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ما لم يكن من دون ذلك السوط والسيف، فإذا كان كذلك فعليكم أنفسكم " وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر أنه قال في هذه الآية: إنها الأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن رجل قال: كنت في خلافة عمر بن الخطاب بالمدينة في حلقة فيهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا فيهم شيخ حسبت أنه قال أبي كعب، فقرأ (عليكم أنفسكم) فقال: إنما تأويلها في آخر الزمان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن أبي ما زن قال: انطلقت على عهد عثمان إلى المدينة فإذا قوم جلوس فقرأ أحدهم (عليكم أنفسكم) فقال أكثرهم: لم يجئ تأويل هذه الآية اليوم. وأخرج ابن جرير عن جبير بن نفير قال: كنت في حلقة فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإني الأصغر القوم، فتذاكروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقلت: أليس الله يقول (عليكم أنفسكم)؟ فأقبلوا علي بلسان واحد فقالوا: تنزع آية من القرآن لا نعرفها ولا ندري ما تأويلها؟ حتى تمنيت أني لم أكن تكلمت، ثم أقبلوا يتحدثون، فلما حضر قيامهم قالوا: إنك غلام حدث السن، وإنك نزعت آية لا ندري ما هي؟ وعسى أن تدرك ذلك الزمان " إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت " وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنحو حديث أبي ثعلبة الخشني المتقدم، وفى آخره " كأجر خمسين رجلا منكم " وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: ذكرت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " لم يجئ تأويلها، لا يجئ تأويلها حتى يهبط عيسى ابن مريم عليه السلام " والروايات في هذا الباب كثيرة، وفيما ذكرناه كفاية، ففيه ما يرشد إلى ما قدمناه من الجمع بين هذه الآية وبين الآيات والأحاديث الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
المائدة الآية (106 - 107)