وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله) يعني رجلا يقال له أبو عامر كان محاربا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان قد انطلق إلى هرقل، وكانوا يرصدون إذا قدم أبو عامر أن يصلي فيه، وكان قد خرج من المدينة محاربا لله ولرسوله. وأخرج ابن إسحاق وابن مردويه عنه أيضا قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مالك بن الدخشم، فقال مالك لعاصم: أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي، فدخل على أهله فأخذ سعفات من نار ثم خرجوا يشتدون حتى دخلوا المسجد وفيه أهل فحرقوه وهدموه، وخرج أهله فتفرقوا عنه، فأنزل الله هذه الآية. ولعل في هذه الرواية حذفا بين قوله صلى الله عليه وآله وسلم دعا رسول الله مالك بن الدخشم وبين قوله فقال مالك لعاصم، ويبين ذلك ما أخرج ابن إسحاق وابن مردويه عن أبي رهم كلثوم بن الحصين الغفاري، وكان من الصحابة الذين بايعوا تحت الشجرة قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى نزل بذي أوان: بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار، وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا يا رسول الله إنا بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة الشاتية والليلة المطيرة، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه، قال: إني على جناح سفر، ولو قدمنا إن شاء الله أتيناكم فصلينا لكم فيه، فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي، وأخاه عاصم بن عدي أحد بني العجلان، فقال: انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه، فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف، وهم رهط مالك بن الدخشم، فقال مالك لمعن: أنظرني حتى أخرج إليك، فدخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا، ثم خرجا يشتدان، وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه، ونزل فيهم من القرآن ما نزل (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا) إلى آخر القصة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم إن الذين بنوا مسجد الضرار كانوا اثنى عشر رجلا، وذكر أسماءهم. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وأبو يعلي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن خزيمة وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري قال: اختلف رجلان: رجل من بني خدرة، وفي لفظ:
تماريت أنا ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال الخدري: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال العمري: هو مسجد قباء، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسألاه عن ذلك فقال: هو هذا المسجد لمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال في ذلك خير كثير، يعني مسجد قباء. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والزبير بن بكار في أخبار المدينة وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم في الكنى وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب والضياء في المختارة عن أبي بن كعب قال " سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى قال: هو مسجدي هذا ". وأخرج الطبراني والضياء المقدسي في المختارة عن زيد بن ثابت مرفوعا مثله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه والطبراني من طريق عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت قال: المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال عروة:
مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم خير منه، إنما أنزلت في مسجد قباء. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عمر قال: المسجد الذي أسس على التقوى: مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج المذكوران عن أبي سعيد الخدري مثله. وقد روى عن جماعة غير هؤلاء مثل قولهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنه مسجد قباء. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك مثله. ولا يخفاك أن النبي صلى