زياد قال: قلت لمحمد بن كعب القرظي: أخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنما أريد الفتن، قال: إن الله قد غفر لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأوجب لهم الجنة في كتابه محسنهم ومسيئهم، قلت له: وفي أي موضع أوجب الله لهم الجنة في كتابه؟ قال: ألا تقرؤون قوله تعالى (والسابقون الأولون) الآية أوجب لجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الجنة والرضوان، وشرط على التابعين شرطا لم يشرطه فيهم - قلت: وما اشترط عليهم؟ قال: اشترط عليهم أن يتبعوهم بإحسان. يقول: يقتدون بهم في أعمالهم الحسنة، ولا يقتدون بهم في غير ذلك. قال أبو صخر: فوالله لكأني لم أقرأها قبل ذلك وما عرفت تفسيرها حتى قرأها علي بن كعب. وأخرج ابن مردويه من طريق الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير والقسم ومكحول وعبدة بن أبي لبابة وحسان بن عطية أنهم سمعوا جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقولون لما أنزلت هذه الآية (والسابقون الأولون) إلى قوله (ورضوا عنه) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هذا لأمتي كلهم، وليس بعد الرضا سخط. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن ابن عباس في قوله (وممن حولكم من الأعراب) الآية، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم جمعة خطيبا، فقال: قم يا فلان فاخرج فإنك منافق، اخرج يا فلان فإنك منافق، فأخرجهم بأسمائهم ففضحهم، ولم يكن عمر بن الخطاب يشهد تلك الجمعة لحاجة كانت له. فلقيهم عمر وهم يخرجون من المسجد فاختبأ منهم استحياء أنه لم يشهد الجمعة، وظن الناس قد انصرفوا، واختبئوا هم من عمر، وظنوا أنه قد علم بأمرهم، فدخل عمر المسجد فإذا الناس لم ينصرفوا، فقال له رجل: أبشر يا عمر فقد فضح الله المنافقين اليوم، فهو العذاب الأول، والعذاب الثاني عذاب القبر. وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في قوله (وممن حولكم من الأعراب) قال جهينة ومزينة وأشجع وأسلم وغفار. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله (مردوا على النفاق) قال: أقاموا عليه ولم يتوبوا كما تاب آخرون. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال: ماتوا عليه: عبد الله بن أبي، وأبو عامر الراهب، والجد بن قيس. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (سنعذبهم مرتين) قال: بالجوع والقتل. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك قال: بالجوع وعذاب القبر.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن قتادة قال: عذاب في القبر، وعذاب في النار. وقد روى عن جماعة من السلف نحو هذا في تعيين العذابين، والظاهر ما قدمنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا) قال: كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، فلما حضر رجوع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد، وكان ممر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا رجع عليهم فلما رآهم قال: من هؤلاء الموثقون أنفسهم؟ قالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله حتى تطلقهم وتعذرهم، قال: وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم، ورغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين، فلما بلغهم ذلك قالوا: ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا، فنزلت (عسى الله أن يتوب عليهم) وعسى من الله واجب، فلما نزلت أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأطلقهم وعذرهم، فجاءوا بأموالهم فقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا، قال: ما أمرت أن آخذ أموالكم، فأنزل الله عز وجل (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم) يقول: استغفر لهم) إن صلواتك سكن لهم) يقول: رحمة لهم، فأخذ منهم الصدقة واستغفر لهم، وكانوا ثلاثة نفر لم يوثقوا أنفسهم