هذا فيما يكون مضافا إليك. وقرئ (ابن أمي) بإثبات الياء. قوله (فلا تشمت بي الأعداء) الشماتة: السرور من الأعداء بما يصيب من يعادونه مع المصائب، ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم " اللهم أني أعوذ بك من سوء القضاء ودرك الشقاء وجهد البلاء وشماتة الأعداء " وهو في الصحيح، ومنه قول الشاعر:
إذا ما الدهر جر على أناس * كلا كله أناخ بآخرينا فقل للشامتين بنا أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا والمعنى: لا تفعل بي ما يكون سببا للشماتة منهم. وقرأ مجاهد ومالك بن دينار (فلا تشمت بي الأعداء) بفتح حرف المضارعة وفتح الميم ورفع الأعداء على أن الفعل مسند إليهم: أي لا يكون ذلك منهم لفعل تفعله بي. وروى عن مجاهد أنه قرأ (تشمت) كما تقدم عنه مع نصب الأعداء. قال ابن جنى: والمعنى فلا تشمت بي أنت يا رب وجاز هذا كما في قوله - الله يستهزئ بهم - ونحوه ثم عاد إلى المراد فأضمر فعلا نصب به الأعداء كأنه قال: ولا تشمت يا رب بي الأعداء، وما أبعد هذه القراءة عن الصواب وأبعد تأويلها عن وجوه الإعراب. قوله (ولا تجعلني مع القوم الظالمين) أي لا تجعلني بغضبك علي في عداد القوم الظالمين: يعني الذين عبدوا العجل أو لا تعتقد أني منهم قوله (قال رب اغفر لي ولأخي) هذا كلام مستأنف جواب سؤال مقدر. كأنه قيل: فماذا قال موسى بعد كلام هارون هذا؟ فقيل (قال رب اغفر لي ولأخي) طلب المغفرة له أولا، ولأخيه ثانيا ليزيل عن أخيه ما خافه من الشماتة، فكأنه تذمم مما فعله بأخيه، وأظهر أنه لا وجه له، وطلب المغفرة من الله مما فرط منه في جانبه، ثم طلب المغفرة لأخيه إن كان قد وقع منه تقصير فيما يجب عليهم من الإنكار عليهم وتغيير ما وقع منهم، ثم طلب إدخاله وإدخال أخيه في رحمة الله التي وسعت كل شئ فهو (أرحم الراحمين).
وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله (واتخذ قوم موسى) الآية، قال:
حين دفنوها ألقى عليها السامري قبضة من تراب أثر فرس جبريل عليه السلام. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال: استعاروا حليا من آل فرعون، فجمعه السامري فصاغ منه (عجلا) فجعله (جسدا) لحما ودما (له خوار). وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله (خوار) قال:
الصوت. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: خار العجل خورة لم يئن ألم تر أن الله قال (ألم يروا أنه لا يكلمهم) وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله (سقط في أيديهم) قال: ندموا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس (أسفا) قال: حزينا. وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال:
الأسف منزلة وراء الغضب أشد من ذلك. وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب قال: الأسف الغضب الشديد وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: لما ألقى موسى الألواح تكسرت فرفعت إلا سدسها. وأخرج أبو الشيخ عنه قال: رفع الله منها ستة أسباعها وبقى سبع. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد أو سعيد بن جبير قال: لما ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقى الهدى. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: كانت تسعة رفع منها لوحان وبقى سبعة. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (ولا تجعلني مع القوم الظالمين) قال: مع أصحاب العجل.