سورة الأعراف الآية (134 - 136) المراد بآل فرعون هنا قومه، والمراد بالسنين الجدب، وهذا معروف عند أهل اللغة، يقولون أصابتهم سنة:
أي جدب سنة، وفى الحديث " اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " وأكثر العرب يعربون السنين إعراب جمع المذكر السالم، ومن العرب من يعربه إعراب المفرد ويجرى الحركات على النون، وأنشد الفراء:
أرى مر السنين أخذن منى * كما أخذ السرار من الهلال بكسر النون من السنين. قال النحاس: وأنشد سيبويه هذا البيت بفتح النون.
أقول قد ورد مالا احتمال فيه وهو قول الشاعر:
وماذا تزدري الأقوام مني * وقد جاوزت حد الأربعين وبعده: أخو الخمسين مجتمع أشدى * وتجذبني مداورة السنين فإن الأبيات قبله وبعده مكسورة. وأول هذه الأبيات:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا * متى أضع العمامة تعرفوني وحكى الفراء عن بني عامر أنهم يقولون: أقمت عنده سنينا مصروفا، قال: وبنو تميم لا يصرفونه، ويقال أسنت القوم: أي أجدبوا، ومنه قول ابن الزبعري * ورجال مكة مسنتون عجاف * (ونقص من الثمرات) بسبب عدم نزول المطر وكثرة العاهات (لعلهم يذكرون) فيتعظون ويرجعون عن غوايتهم. قوله (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه) أي الخصلة الحسنة من الخصب بكثرة المطر وصلاح الثمرات ورخاء الأسعار (قالوا لنا هذه) أي أعطيناها باستحقاق، وهي مختصة بنا (وإن تصبهم سيئة) أي خصلة سيئة من الجدب والقحط وكثرة الأمراض ونحوها من البلاء (يطيروا بموسى ومن معه) أي تشاءموا بموسى ومن معه من المؤمنين به، والأصل يتطيروا أدغمت التاء في الطاء. وقرأ طلحة (تطيروا) على أنه فعل ماض. وقد كانت العرب تتطير بأشياء من الطيور والحيوانات، ثم استعمل بعد ذلك في كل من تشاءم بشئ، ومثل هذا قوله تعالى (وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك) قيل: ووجه تعريف الحسنة أنها كثيرة الوقوع، ووجه تنكير السيئة ندرة وقوعها. قوله (ألا إنما طائرهم عند الله) أي سبب خيرهم وشرهم بجميع ما ينالهم من خصب وقحط وهو من عند الله ليس بسبب موسى ومن معه، وكان هذا الجواب على نمط ما يعتقدونه وبما يفهمونه، ولهذا عبر بالطائر عن الخير والشر الذي يجرى بقدر الله وحكمته ومشيئته (ولكن أكثرهم لا يعلمون) بهذا بل ينسبون الخير والشر إلى غير الله جهلا منهم. وقرأ الحسن " طيرهم " قوله (وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين) قال الخليل: أصل مهما " ما " الشرطية زيدت عليه " ما " التي للتوكيد كما تزاد في سائر الحروف مثل: حيثما وأينما وكيفما ومتى ما، ولكنهم كرهوا