غنينا زمانا بالتصعلك والغنى * وكلا سقاناه بكاسيهما الدهر فما زادنا بغيا على ذي قرابة * غنانا ولا أزرى باحساننا الفقر ومعنى الآية: الذين كذبوا شعيبا كأن لم يقيموا في دارهم، لأن الله سبحانه استأصلهم بالعذاب، والموصول في الذين كذبوا شعيبا مبتدأ خبره (كانوا هم الخاسرين)، وهذه الجملة مستأنفة كالأولى متضمنة لبيان خسران القوم المكذبين (فتولى عنهم) أي شعيب لما شاهد نزول العذاب بهم (وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربى) التي أرسلني بها إليكم (ونصحت لكم) ببيان ما فيه سلامة دينكم ودنياكم (فكيف آسى) أي أحزن (على قوم كافرين) بالله مصرين على كفرهم متمردين عن الإجابة أو الأسى شدة الحزن، آسى على ذلك فهو آس. قال شعيب هذه المقالة تحسرا على عدم إيمان قومه، ثم سلا نفسه بأنه كيف يقع منه الأسى على قوم ليس بأهل للحزن عليهم لكفرهم بالله وعدم قبولهم لما جاء به رسوله.
وقد أخرج ابن إسحاق وابن عساكر عن عكرمة والسدي قالا: ما بعث الله نبيا مرتين إلا شعيبا: مرة إلى مدين فأخذتهم الصيحة، ومرة إلى أصحاب الأيكة فأخذهم الله بعذاب يوم الظلة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) قال: لا تظلموا الناس. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) قال: لا تظلموهم (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) قال: كانوا يوعدون من أتى شعيبا وغشيه وأراد الإسلام. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) قال: كانوا يجلسون في الطريق فيخبرون من أتى عليهم أن شعيبا كذاب فلا يفتننكم عن دينكم، وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد (بكل صراط توعدون) قال: بكل سبيل حق (وتصدون عن سبيل الله) قال: تصدون أهلها (وتبغونها عوجا) قال:
تلتمسون لها الزيغ. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) قال: هو العاشر (وتصدون عن سبيل الله) قال: تصدون عن الإسلام (وتبغونها عوجا) قال: هلاكا وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال: هم العشار. وأخرج ابن جرير عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره: شك أبو العالية قال: أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة أسرى به على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شئ إلا خرقته قال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه ثم تلا (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون). وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدى في قوله (وما يكون لنا أن نعود فيها) قال: ما ينبغي لنا أن نعود في شرككم بعد إذ نجانا الله (إلا أن يشاء الله ربنا) والله لا يشاء الشرك، ولكن يقول: إلا أن يكون الله قد علم شيئا، فإنه قد وسع كل شئ علما. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس قال: ما ما كنت أدري ما قوله (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق) حتى سمعت ابنته ذي يزن تقول: تعال أفاتحك، تعني أقاضيك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله (ربنا افتح) يقول: اقض. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى قال: الفتح القضاء لغة يمانية إذا قال أحدهم تعال أقاضيك القضاء قال: تعال أفاتحك. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس (لم يغنوا فيها) قال: لم يعيشوا فيها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس (فكيف آسى) قال: أحزن. وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: في المسجد الحرام قبران ليس فيه غيرهما، قبر إسماعيل وقبر شعيب فقبر إسماعيل