انتهى وقوله رضي الله عنه " أو في ذلك شك؟ " يؤيد ما يأتي عن الأشعري أن تفضيل أبي بكر ثم عمر على بقية الأمة قطعي وتوقفه هذا رجع عنه وقد حكى القاضي عياض عنه أنه رجع عن التوقف إلى تفضيل عثمان قال القرطبي " وهو الأصح إن شاء الله تعالى " ومال إلى التوقف إمام الحرمين فقال " و تعارض الظنون في عثمان وعلي " ونقله ابن عبد الله عن جماعة من السلف من أهل السنة منهم مالك ويحيى القطان ويحيى بن معين قال ابن معين ومن قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعرف لعلي سابقته وفضله فهو صاحب سنة ولا شك أن من اقتصر على عثمان ولم يعرف لعلي فضله فهو مذموم وزعم ابن عبد البر أن حديث الاقتصار على الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان مخالف لقول أهل السنة أن عليا أفضل الناس بعد الثلاثة مردود بأنه ما يلزم من سكوتهم إذ ذاك عن فضله عدم تفضيله وأما حكاية أبي منصور البغدادي الإجماع على أفضلية عثمان على علي فمدخولة وإن نقل ذلك عنه بعض الحفاظ وسكت عليه لما بيناه من الخلاف ثم الذي مال إليه أبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة أن تفضيل أبي بكر على من بعده قطعي وخالفه القاضي أبو بكر الباقلاني فقال إنه ظني واختاره إمام الحرمين في الارشاد وبه جزم صاحب المفهم في شرح مسلم ويؤيده قول ابن عبد البر في الاستيعاب. ذكر عبد الرزاق عن معمر قال: لو أن رجلا قال عمر أفضل من أبي بكر ما عنفته وكذلك لو قال: علي عندي أفضل من أبي بكر وعمر لم أعنفه إذا ذكر فضل الشيخين وأحبهما وأثني عليهما بما هما أهله فذكرت ذلك لوكيع فأعجبه واشتهاه انتهى وليس ملحظ عدم تعنيف قائل ذلك إلا أن التفضيل المذكور ظني لا قطعي ويؤيده أيضا ما حكاه الخطابي عن بعض مشايخه أنه كان يقول أبو بكر خير وعلي أفضل لكن قال بعضهم هذا تهافت من القول لأنه لا معنى للخيرية إلا الأفضلية فإن أريد خيرية أبي بكر من بعض الوجوه وأفضلية علي من وجه آخر لم يكن ذلك من محل الخلاف ولم يكن الأمر في ذلك خاصا بأبي بكر
(٢٥٦)