عن غيرهم. وأما ما حكاه أعني عبد البر ثانيا عن أولئك الجماعة فلا يقتضي أنهم قائلون بأفضلية علي على أبي بكر مطلقا بل إما من حيث تقدمه عليه اسلاما بناء على القول بذلك أو مرادهم بتفضيل علي على غيره ما عدا الشيخين وعثمان لقيام الأدلة الصريحة على أفضلية هؤلاء عليه فإن قلت: ما مستند إجماعهم على ذلك؟ قلت: الإجماع حجة على كل أحد وإن لم يعرف مستنده لأن الله عصم هذه الأمة من أن تجتمع على ضلالة ويدل لذلك بل يصرح به قوله تعالى " ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى، ونصله جهنم وساءت مصيرا " وقد أجمعوا أيضا على استحقاقهم الخلافة على هذا الترتيب لكن هذا قطعي كما مر بادلته مبسوطا.
فإن قلت: أما بين عثمان وعلي فواضح للخلاف فيه كما تقدم وأما بين أبي بكر ثم عمر ثم غيرهما فهو وإن أجمعوا عليه إلا أن في كون الإجماع حجة قطعية خلافا فالذي عليه الأكثرون أنه حجة قطعية مطلقا فيقدم على الأدلة كلها ولا يعارضه دليل أصلا ويكفر أو يبدع ويضلل مخالفه وقال الإمام الرازي والآمدي أنه ظني مطلقا والحق في ذلك التفصيل فما اتفق عليه المعتبرون حجة قطعية وما اختلفوا فيه كالاجماع السكوتي والاجماع الذي يرد مخالفه فهو ظني وقد علمت مما قررته لك أن هذا الإجماع له مخالف نادر فهو وإن لم يعتد به في الإجماع على ما فيه من الخلاف في محله لكنه يورث انحطاطه عن الإجماع الذي لا مخالف له فالأول ظني وهذا قطعي وبهذا يترجح ما قاله الأشعري من أن الإجماع هنا ظني لأنه اللائق بما قررناه من أن الحق عند الأصوليين التفصيل المذكور وكان الأشعري من الأكثرين القائلين بأنه قطعي مطلقا ومما يؤكد أنه ظني أن المجمعين أنفسهم لم يقطعوا بالأفضلية المذكورة وإنما ظنوها فقط كما هو المفهوم من عبارات الأئمة وإشاراتهم وسبب ذلك أن المسألة اجتهادية ومن مستندها أن هؤلاء الأربعة اختارهم الله بخلافة نبيه صلى الله عليه وسلم وإقامة دينه فكان