ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم انتهى.
أقول: إن ما نقله عنه عليه السلام إنما يدل على أن المخاطبين لم يكونوا من الفريقين المذكورين في الآيتين ولا دلالة له على أن الثلاثة كانوا داخلين فيهما وبالجملة هذا كلام مجمل مبهم مستعمل في مقام التقية وإجماله أقوى قرينة على ذلك فلا ينتهض حجة علينا أصلا ودعوى أن دخولهم في الآيتين قد علم من خارج غير مسموعة، يرشد إليه وجوب خروج أبي بكر عن عموم الفقراء في الآية الأولى لأنه كان عند أوليائه غنيا ذا يسار كثير المال، واسع الحال، كما صرحوا به وليس لهم أن يتأولوا الفقر في الآية بالفقر عند الهجرة مدعيا أنه تصدق قبل ذلك بجميع ماله كما تكلفه بعضهم لأنهم مطالبون بإثبات ذلك وقد نفيناه عن أصله في كتابنا الموسوم بمصائب النواصب، بوجوه لا يخفى وقعها على المتأمل الراسب، وأما الآية الثانية فقد نزلت في شأن الأنصار وهو الظاهر من قوله تعالى " يحبون من هاجر إليهم " فتدبر.
84 قال: وأخرج أيضا عن الحسين بن محمد بن الحنفية أنه قال يا أهل الكوفة اتقوا الله عز وجل ولا تقولوا لأبي بكر وعمر ما ليسا بأهل له إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثاني اثنين وإن عمر أعز الله به الدين انتهى أقول: الحسين هذا ليس عنه ذكر في كتب الرجال منا ولا في كتاب التقريب الذي هو أشمل كتب أهل السنة للرجال على أنه يمكن أن يكون مراده بقوله " اتقوا الله " الأمر بالتقية كما فسر قوله تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " بأن المراد أعملكم بالتقية فسقط الاستدلال وبالجملة ما روي عنه كلام مجمل مبهم لا يصدر مثله إلا في مقام التقية أما لفظ " اتقوا " فلما عرفت. وأما قوله " ولا تقولوا لأبي بكر وعمر ما ليسا بأهل له " فلما مر من أن ما يستأهله