ولابد، وأما قولنا الذي ذكرنا فهو قول يحيى بن سعيد الأنصاري. وأبي سليمان وروينا من طريق مسلم نا محمد بن رمح بن المهاجر نا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال:
العرية أن يشترى الرجل ثمر النخلات لطعام أهله رطبا بخرصها تمرا (1) * قال أبو محمد: أما قول ابن عمر. وموسى بن عقبة فلا بيان فيهما، وأما قول زيد بن ثابت وأحد قولي يحيى بن سعيد. وابن إسحاق. وسفيان بن حسين. والأوزاعي. وأحمد فإنه يحتج له بما روينا من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها من التمر (2) * قال على: ليس لهم في هذا الحديث حجة أصلا وإنما فيه أن صاحب الرطب هو الذي يبيعه بخرصه تمرا ونحن هكذا نقول، وجائز عندنا أن نبيع الرطب كذلك الذي هو له والنخل معا، وجائز أن نبيعه أيضا كذلك من مالك (3) الرطب وحده بهبة أو بشراء أو بميراث أو بإجازة أو باصداق، فهذا الخبر موافق لقولنا ولله الحمد، وليس فيه إلا صفة البائع فقط وليس فيه من هو المشترى، وأما من ذهب مذهب عبد ربه بن سعيد فإنه يحتج له بما رويناه من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا أبو أسامة عن الوليد بن كثير حدثني بشير بن يسار مولى بنى حارثة أن رافع بن خديج. وسهل بن أبي حثمة حدثاه (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة الثمر بالتمر إلا أصحاب العرايا فإنه أذن لهم) (4) * قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه لأنه ليس فيه بيان قولهم لا بنص ولا بإشارة ولا بدليل وإنما فيه أن أصحاب العرايا أذن لهم في التمر بالتمر فقط وهكذا نقول فبطل أن يكون لشئ من هذين القولين في شئ من هذين الخبرين حجة (5) ثم نظرنا في قول الشافعي فوجدناه دعوى بلا برهان وإنما ذكر فيه حديثا لا يدرى أحد منشأه ولا مبدأه ولا طريقه ذكره أيضا بغير اسناد فبطل أن يكون فيه حجة وحصل قوله دعوى بلا برهان - نعنى تخصيصه ان الذين أبيح لهم ابتياع الرطب بخرصه تمرا انماهم من لا شئ لهم يبتاعون به الرطب ليأكلوه فقط - ثم نظر نا في قول مالك فوجدنا قوله: ان العرية هي ثمر نخل تجعل لآخرين، وقوله: ان الذين جعلوه يسكنون بأهليهم في الحائط الذي فيه تلك النخل وقوله: ان أصحاب النخل ينادون بدخول الذين جعل لهم تلك النخل أقوالا ثلاثة لا دليل على شئ منها. لا في قرآن. ولا في سنة. ولا في رواية سقيمة. ولا في قول صاحب. ولا تابع.
ولا قياس. ولا لغة. ولا رأى له وجه، وما نعلمه عن أحد قبله، ثم الشنعة (6) والأعجوبة