بنص القرآن فليسقطوا عن قصاص الجنايات في أموال الناس ودمائهم والا فقد تناقضوا أقبح تناقض وهذا هو التعاون على الاثم والعدوان جهارا * ورابعها وهو أفحشها في التناقض انفاذه ما فعل من التبذير المفسد حقا وبيوع الغبن (1) قبل أن يحجر عليه القاضي ورده ما فعل من الصدقة والعتق بعد حجر القاضي عليه فكان حكم القاضي أنفذ من حكم الله تعالى ولا كرامة لوجه القاضي كائنا من كان فما جعل الله تعالى قط حكم القاضي محللا ولا محرما إنما القاضي منفذ بسلطانه على من امتنع فقط لا خصلة له غيرها ولا معنى سوى هذا والا فليأتونا بآية. أو سنة بخلاف هذا ويأبى الله من ذلك، وهذا كله لا ندري من أين أخذوه؟ * وخامسها إبطاله جميع أفعاله وإن كانت رشد اما لم يفك القاضي عنه الحجر وهذه كالتي قبلها * وسادسها اجازته أن يعطيه الولي نفقة شهر يطلق يده عليها فليث شعري من أين خرج هذا التقسيم العجيب؟ وما الفرق بين اطلاق يده على نفقة شهر وبين اطلاقها على نفقة سنة أو نفقة سنتين؟ فان قالوا: نفقة شهر قليلة قلنا:
قد يكون مال تكون نفقة شهر فيه كثيرا ويكون مال نفقة عشرة أعوام فيه قليلا، ولا يخلو دفع ماله إليه من أن يكون واجبا. أو حراما فإن كان واجبا فدفعه كله إليه واجب. وإن كان حراما فقليل الحرام حرام، وهذا بعينه أنكروا على أصحاب أبي حنيفة في اباحتهم قليل المسكر وتحريمهم كثيره * وسابعها انفاذهم أفعال الفساق الظلمة المتعدين على المسلمين بكل بائقة المبتاعين للخمور المنهمكين في أجر الفسق إذا كانوا جماعين للمال من أي وجه أمكن بالظلم وغيره فيجيزون بيعهم وشراءهم وهباتهم وإن كانت في الأغلب والأظهر لغير الله تعالى، وان أتى ذلك على كل ما يملكونه وبقوا بعده فقراء متكففين فانفذوا منه التبذير الذي حرم الله تعالى والبسط الذي يقعد عليه بعده ملوما محسورا وردهم العتق والصدقة بدرهم وإن كان ذا مال عظيم ممن يخدع في البيوع ويصفونه بأنه لا يحسن ضبط ماله فأي تناقض أفحش ممن يجعل أصله بزعمه ضبط المال وحفظه؟ ثم يجيزون من واحد اعطاء ماله كله حتى يبقى هو وعياله جاعة وينفذونه عليه ويمنعون آخر من عتق عبد وصدقة بدرهم وابتياع فاكهة يأكلها ووراءه من المال ما يقوم بأمثاله وأمثال عياله، ثم يجعلون أصله بزعمهم دفع الخديعة له عن ماله وهم يجيزون الخديعة المكشوفة في المال العظيم لغيره، فما هذا البلاء وما هذا التخاذل وكم هذا التناقض؟
والحكم في الدين بمثل هذه الأقوال بلا قرآن. ولا سنة. ولا قول صاحب. ولا قياس. ولا رأى له وجه يعقل ونعوذ بالله من البلاء * وقال الشافعي بمثل هذا كله الا